أزعم أن لا تزوير في نتائج الاستفتاء للتجديد للرئيس السوري بشار الأسد. حصل الرئيس على 97.62% من أصوات المقترعين. عشرون ألفاً من حوالي 12 مليون مقترع فقط قالوا "لا" لاستمرار رئاسة الأسد لسورية. حوالي أحد عشر مليوناً وتسعمائة وثمانين ألفاً قالوا "نعم".الأرقام صحيحة. 97.62% من الذين شاركوا في التصويت قالوا "نعم". لكن ذلك لا يعني أن هؤلاء يريدون أن يظل بشار الأسد قائداً أبدياً لسورية. هم قالوا "نعم" لأنهم لا يملكون القدرة على قول "لا". ثمن الـ"لا" أكبر من قدرة المواطنين في سورية. وإذا كان هنالك أي تزوير في الانتخابات فهو ربما يكون في تضخيم نسبة الذين رفضوا التجديد للأسد.
سيحكم بشار الأسد سورية لفترة رئاسية ثانية مدتها سبع سنوات، متسلحاً بشرعية نتائج صناديق اقتراع في استفتاء كان المرشح الوحيد فيه للرئاسة. وحسب وزير الداخلية السوري بسام عبدالمجيد، ذلك يعني أن "سورية قالت لا للديمقراطية المزيفة الجالبة للفوضى".
قبيحة هي الديمقراطية. لا مكان لها في أرض البعث. فثمة تجربة عالمية أثبتت أنها جالبة للفوضى. ومن يشك في ذلك فليرَ إلى فرنسا وألمانيا والسويد وغيرها من دول العالم حيث تغرق الشعوب في الفوضى والفقر وغياب حقوق الإنسان.
لا مكان في سورية إلا لحكم البعث. لا فوضى هناك. هنالك استمرار في "مسيرة البناء والتحرير"، حسب وزير الداخلية السوري. فخلال السنوات السبع الماضية، "توسعت دائرة الحوار في المجتمع وتعمقت الوحدة الوطنية وتم إقرار مجموعة من القوانين من أجل الإصلاح القانوني والإداري والاقتصادي".
كل الكلام عن قمع الحريات كذب! سورية ضحية مؤامرة كونية تستهدف صمودها وتصديها للاحتلال الإسرائيلي! وكيف لا؟ فقد شن النظام السوري حرب تحرير شرسة لاستعادة الجولان! وأطلق العنان لمقاومة شعبية تؤرق ليل إسرائيل. وها هو الشعب السوري يشارك في صناعة مستقبله في شتى المجالات!
أنور البني خائن. وكذلك عارف دليله. وميشيل كيلو. ورياض الترك. هؤلاء ارتكبوا جريمة المطالبة بالديمقراطية. رأف بهم النظام السوري إذ زجهم في السجون! فالمطالبة بالديمقراطية "الجالبة للفوضى" خطيئة بحق الوطن والمجتمع تستحق أشد العقوبات!
ما علينا. لا شيء تغير في سورية مذ ورث بشار الأسد حكم سورية العام 2000. ولن يتغير شيء طالما ظل البعث سيداً أبدياً. ثمة تناقض بنيوي بين البعثوية والديمقراطية. هما ضدان لا يلتقيان. وجود واحد إلغاء للآخر. البعث يحكم. يملك السلطة. إذن لا ديمقراطية ولا إصلاح ولا حقوق إنسان.
فقد شيد البعث في سورية "جمهورية الرعب" في أبشع صورها. دمّر مؤسسات المجتمع المدني. قتل كل محاولات التغيير، رغم سلميتها، في مهدها. ألغى الـ"لا" من القاموس السياسي. في جمهورية الرعب التي صارتها سورية، "نعم" هي الخيار الوحيد.