“الشومر” .. كنز فوائد صحية ومصدر دخل للأسر الفقيرة
09-02-2020 11:24 AM
عمون - بات مألوفا وعاديا مشهد عدد من النسوة وهن يقطفن نبتة “الشومر” أو غيرها من حشائش الأرض التي تنمو في وديان القرى والبلدات التي حول عمان أو حتى في قرى الشمال ومختلف المحافظات.
ويزداد الطلب على “الشومر” في هذا الوقت من كل عام الذي يستخدم في صناعة الحلويات والمعجنات، وله نكهة طيبة وزكية، فيما يباع “الشوال” الذي يوجد فيه من 8 حبات إلى 12 حبة منه بسعر دينارين، ويباع بعد تنظيفه على البسطات على جوانب الطرقات أو في المحلات 3 حبات بدينار، وهو ما يعزز دخل الأسر الفقيرة أو التي لا تجد عملا.
وتواظب المواطنة فاطمة عبد الله، على قطف وجمع حبات الشومر صغيرة الحجم من وديان أطراف عمان، لكن الحظ لا يبتسم لها دائما كما تقول، ففي أحيان كثيرة لا تجد الشومر بشكل كاف.
وتضيف، “خيرات الله كثيرة، فأنا أيضا أجمع الميرمية، وما أجده في طريقي من ثمار وأعشاب طبية، مثل الخبيزة والحويرنة والعكوب، وكذلك أعمل صواني وسلال تراثية من القش، وهذه الأعمال لا تعرفها فتيات ونساء اليوم”.
وبحسب فاطمة، فإن “موسم الشومر يشكل مصدر رزق للعائلات الفقيرة والمزارعين البسطاء في أطراف عمان، وهو كذلك فرصة لتشغيل النساء المتعطلات عن العمل في القرى، فنساء الريف يدب فيهن النشاط لجمع عناقيد الشومر من الوديان حيث الرطوبة العالية هناك تعتبر مثالية لهذه النبتة”.
ومع خيوط الفجر الأولى، تنطلق فاطمة مع نسوة أخريات من قرية منجا وأم رمانة في مادبا لحصد نبتة الشومر وقطفها، قبل أن تتساقط على الأرض أو تأكلها المواشي المنتشرة في الجبال والوديان، إلا أن الوديان تكون فيها النبتة بشكل كبير جدا.
وبحسب مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين، محمود العوران، فإن نبات الشومر عبارة عن درنة بيضاء واحدة تحت سطح التربة، وفوق التربة تتفرع العديد من الأفرع الرفيعة ذات ورق ريشي ناعم وأزهار صفراء اللون تعطي ثمارًا تحتوي على بذور رمادية، وهو نبات حولي ينمو طبيعيًا، إلا أنه من الممكن زراعته في المزارع وحدائق المنازل في آخر شهرين من السنة.
وأضاف، أن الشومر، ويسمى عند البعض الشمار، والسنوت، والبسباس، والشمرة، وغيرها من الأسماء، وهو نبات عشبي من الفصيلة الخيمية ينمو حتى ارتفاع 80-150سم، ويتميز برائحة قوية مميزة.
ويعود أصله بحسب العوران، إلى منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، بما فيها بلاد الشام ووادي النيل والمغرب العربي، والتي انتشر منها إلى إنجلترا، وألمانيا، والأرجنتين، ويزرع حاليًا في الصين والهند وإيران وسورية والأردن وفلسطين.
وبين العوران، أن الشومر يحتوي على العديد من الزيوت الطيارة، منها زيت فينشون وهو المسؤول عن الفوائد الطبية المتعددة للشومر، وأيضًا زيت ألفا، وزيت الليمونين وهو المسؤول عن الرائحة المميزة، كما يحتوي أيضًا على حامض الأنيسيك، والمعادن المختلفة من الكالسيوم والبوتاسيوم والكبريت والفوسفور والحديد، والفيتامينات مثل الفيتامين أ، ب، ج.
وينتهي حصاده في نيسان (أبريل) من كل عام، وهي الفترة التي ينضج فيها الثمر ويصبح منظره أقرب إلى النضوج، ولون العشبة مائلا للصفار. وتعتبر مناطق أم رمانة ومنجا ومكاور في مادبا والعديد من القرى في شمال المملكة بحسب العوران، من أخصب الوديان وأغزرها بنبتة الشومر.
ويؤكد المزارع أبو حسام، أن نبات الشومر يكثر في الوديان مقارنة بالجبال، وهو سهل وسريع القطاف، ويمكن للمزارع الواحد أن بجمع عدة كيلو غرامات في الموسم، ومن ثم يقوم بتنظيفه من الأوراق والأوساخ وما علق فيه من غبار، ويجمعها في أكياس بلاستيكية صغيرة ويتم بيعها في المحلات التجارية، أو على البسطات في الطرقات.
وتشتري ربة المنزل نهى خليل، الشومر المطحون والحب معا، حيث تقول، “الشومر كله فوائد وله نكهة طيبة ورائحة فواحة وطيبة”.
وتضيف، “يدخل الشومر في عمل الحلويات كالكعك، وكشراب ساخن يُضاهي الشاي بطيب طعمه ويفوقه لذة، ويُعد من الأعشاب الطبية المعالجة لكثير من الأمراض، وهو يضاف إلى الشاي أيضا، ويوضع في الخبز، وله استخدامات كثيرة في إعداد الأكل والشراب”.
خبيرة التغذية، منى العرموطي، بينت أن نبات الشومر يتكون من جزء بصلي باهت اللون وسيقان خضراء طويلة تنمو على الجزء البصلي، وتعتبر جميع أجزاء نبات الشمر صالحة للأكل بما في ذلك الجزء البصلي، والساق، والأوراق، والبذور، والتي يمكن أن تضيف نكهة إلى الأطعمة الأخرى، ويتميَّز الجزء البصلي بنكهته الحلوة، وقوامه المقرمش، ويعود أصل هذا النبات إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، وقد استخدم قديماً في الوصفات الشعبية، كما أنه أصبح يُستخدم في جميع أنحاء العالم، حيث يمكن تناوله نيّئاً في السلطات، أو استخدامه مطبوخاً في الوصفات المختلفة، كما يمكن استخدام بذور الشمر المجففة لصنع الشاي الذي يتميّز بطعمه المشابه لعرق السوس والمرّ قليلاً.
أما فوائد نبات الشومر، فبينت العرموطي، أنها تحتوي على العديد من المركبات والعناصر الغذائية المهمّة التي تُكسب الجسم الكثير من الفوائد الصحيّة، حيث يعتبر مصدراً جيّداً لمجموعة من العناصر الغذائية التي تساهم في بناء العظام والمحافظة على قوتّها، كما يمكن أن تساعد المعادن في الشومر على خفض ضغط الدم العالي حيث إنَّه مصدر غني بالبوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والنترات التي تساعد على توسيع الأوعية الدموية، وخفض ضغط الدم.
كما يحتوي على كميات كبيرة من الألياف التي تساعد على خفض مستويات الكولسترول في الدم، وكذلك تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب وسرطان القولون والمستقيم، بالإضافة إلى الوقاية من الإصابة بالإمساك، والمحافظة على سلامة الجهاز الهضمي، وتقليل الشهيّة، وزيادة الشعور بالشبع، كما يحتوي على حمض الفوليك الذي يلعب دوراً رئيساً في تكوين الحمض النووي وإصلاحه، الأمر الذي يساعد على الوقاية من تشكُّل الخلايا السرطانية الناتجة عن طفرات الحمض النووي.
عبدالله ربيحات - الغد