الاضطرابات النفسية والجسدية لمرحلة ما بعد الولادة
08-02-2020 07:47 PM
عمون - تحدث ولادة طفل جديد تغييرا في العائلة، وعلى ممارسات أفرادها، مثل الآمال والجسد والرغبة بالسيطرة وكذلك الأحكام المسبقة والعادات والعواطف وردود الأفعال.
فماذا لو كانت مدة الحمل أكثر من تسعة أشهر؟ وماذا لو لم تكن الولادة نهاية متاعب الحمل؟ ماذا لو كان هناك "ثلاثي رابع" بعد فترة الولادة؟
ما هو مفهوم الثلاثي الرابع؟
الثلاثي الرابع هو مفهوم يتضمن وقت تكيف الفاعلين الرئيسيين الثلاثة بعد الولادة، أي الأم والأب والطفل، ولكن، يمر كل طرف بفترة طويلة نسبيا بين ثلاثة وأربعة أشهر للتكيف جسديا ونفسيا مع هذه الحياة الجديدة، بحسب ما قالت الكاتبة نادين ديشينو في تقرير نشره موقع قناة "كانال في" الكندية.
وينبغي على كل عائلة أن تتكيف مع نسق الحياة الجديدة بعد ولادة الطفل، وأن تأخذ فترات راحة، وأن ينصت كل فرد في العائلة للآخر ليساعدوا بعضهم البعض، وهكذا يمر كل من الأم والأب والطفل بمرحلة ما بعد الولادة بشكل أكثر هدوءا خلال الأشهر الأولى باعتبار أنها فترة جديدة بالنسبة لكل فرد منهم.
مفهوم الاستمرارية
يشارة إلى أن الثلاثي الرابع -الذي يعرف عليه أيضا باسم "مفهوم الاستمرارية"- قد صاغته الطبيبة النفسي الأميركية جين ليدوف في عام 1975 في كتابها "مفهوم الاستمرارية.. البحث عن السعادة الضائعة"، فبالنسبة لها يحتاج التقارب بين الأم والطفل إلى الاستمرار بعد الولادة، ومن الضروري أن تتم هذه العملية الانتقالية -أي من فترة الحمل إلى الولادة- بشكل جيد مع أهمية مراعاة حالة كل فرد.
كما أكدت جين ليدوف بعد أبحاث عدة أن الرضيع بحاجة ماسة لأن يكون محاطا بأمه لكي يكون واثقا من عالمه الجديد، ومع الوقت سينفصل بنفسه عن أمه بعد أن يستشعر ثقته بنفسه، والمقصود بذلك أن الرضيع يدخل بعد ولادته مباشرة في علاقة تقارب مع أمه، وحبل الصلة بينهما هو الرضاعة.
فترة الثلاثي الرابع بالنسبة الأم
تعد الأم محور فترة الثلاثي الرابع، فخلال فترة حملها لتسعة أشهر تلاحظ تغييرات تطرأ على جسدها ليتكيف مع حملها بطفل يستعد لدخول هذا العالم.
وبعد ولادتها يخضع جسدها لتغييرات جديدة مرة أخرى، إذ يبدأ جسدها بإنتاج حليب الرضاعة، ويعود رحمها لوضعه الطبيعي، كما يواصل ثدياها التغير، ويتغير شكل بطنها، وتحدث تغييرات جسدية أخرى، ناهيك عن اضطراب الهرمونات، ولا يمكن إنكار أن هذه المرحلة تعد صعبة بالفعل.
كما تتعرض المرأة لاضطرابات نفسية لا يمكنها تجنبها، وحتى الأمهات الأكثر استعدادا لا يمكن لهن معرفة كيفية تجاوز أول لقاء لهن مع أطفالهن حديثي الولادة، فقد تكون الأسابيع الأولى مختلفة تماما عما تصورت أو خططت الأم، وقد تميل الأم الجديدة إلى رغبتها في فعل كل شيء خلال "إجازة" الأمومة، أو رغبتها في العودة إلى حياتها الروتينية قبل مجيء طفلها الجديد.
تكيف الأم مع واقعها الجديد يتطلب الكثير من التضحيات، إضافة إلى إحساسها بالتعب والشكوك وعدم القدرة على النوم وكثرة العلاج وإطعام الطفل وإرضاعه والتكيف العائلي.
فترة الثلاثي الرابع بالنسبة للأب
بالنسبة للرجال، غالبا ما تكون مرحلة ما بعد الولادة بداية مغامرة الأبوة الحقيقية، لكن الاضطرابات العاطفية التي يتعرضون لها تشبه إلى حد كبير ما تمر به النساء، فقد يعاني بعض الرجال من اكتئاب ما بعد ولادة زوجته.
لكن الآباء بعكس الأمهات قد يجدون صعوبة في التعبير عما يشعرون به بشدة، كما يحاولون التحكم بانطباعاتهم وعدم رضاهم، يعني ذلك على سبيل المثال أنهم يعتقدون أنه من غير الطبيعي أن يعبروا عن فرحتهم العارمة بالمولود الجديد أو شعورهم مثلا بالإرهاق أو التعب.
فترة الثلاثي الرابع بالنسبة للرضيع
كذلك المولود الجديد يمر بدوره بفترة تكيف، أي ينتقل من حياته داخل رحم أمه في بيئة مائية ضيقة ومظلمة ودافئة دون الاضطرار لفعل أي شيء لتلبية احتياجاته إلى حياة أخرى خارج هذا العالم الضيق داخل رحم أمه، أي عالم آخر مليء بالأصوات والأضواء، حيث لم يعد التواصل مع والدته أمرا مستمرا، كما يتعين عليه التحرك للحصول على ما يريد، كالرضاعة مثلا. (وكالات)