رفض أوروبا صفقة القرن مع قلق إسرائيل من الرد الأردني .. ماذا يعني ؟
العقيد الركن المتقاعد نضال ابوزيد
07-02-2020 12:25 PM
طالعتنا الصحافة خلال اليومين الماضيين بخبرين لم يلتفت إليهم المحللين والكتاب بشئ من العمق بالاستصقاء والبحث والتركيز فتم سرد الخبرين بطريقه اعلاميه بحته دون وضع ابجديات العمل التحليلي في سرد الخبرين فكان الخبر الأول يتعلق بإعلان "المسوؤلين الآمنين الاسرائيلين قلقهم تجاه رد الفعل الأردني على صفقة القرن" والخبر الثاني كان تصريحات الاتحاد الأوروبي الملفته حول "عدم انسجام صفقة القرن مع المعايير الدوليه" وتلخصت بحديث الممثل الأعلى للشؤون الخارجيه جوزيف بوريل "حول التزام الاتحاد بحل الدولتين"، فماذا يعني تقاطع هاذين الخبرين في ظل التطورات الاخيره في المنطقه.
اذا اسقطنا عامل التوقيت على الخبرين نجد أنهما تقريبا تزامنا سويا مما يعني من واقع العلاقه الاوروبيه - الاسرائيليه تعتبر تصريحات الاتحاد الأوروبي تحول مفاجأة في الموقف الاوروبي ضد الخطوة الامريكيه بإعلان صفقة القرن وذلك ليس من باب كسب الود العربي او مغازلة الجانب الفلسطيني دبلوماسيا، بقدر ماهي رد مباشر على الرئيس ترامب الذي اغضب الدول الاوروبيه بقضيتين وهما:
الإعلان احادي الجانب عن ملف كان يتولاه الأوربيين لعقود طويله بما عرف بدول الترويكا او الرباعيه الدوليه الراعيه لتسوية الملف الفلسطيني - الاسرائيلي،
ورد مباشر على تشجيع الإدارة الامريكيه الحاليه لبريطانيا للخروج من الاتحاد بما عرف باتفاق بركست، فكانت الخطوة الاوروبيه مناكفه دبلوماسيه محسوبة الأبعاد للتقرب من ملفات الشرق الأوسط والابتعاد بالايدلوجيه الاوروبيه عن الفلك الامريكي.
اما فيما يتعلق بالقلق الاسرائيلي من رد الفعل الأردني فهنا لاتعني إسرائيل ان هناك مؤشرات على رد عسكري او امني يلوح في الافق وانما ما ظهر في العبارات المبطنه للمسؤولين الاسرائيلين ان الجانب الأردني لايزال يبدي تعنت وإصرار واضح على التمسك بثوابه الاساسيه حول الملف الفلسطيني ويظهر ذلك من خلال التصريحات المتكرره من قبل رأس الهرم في الدولة جلالة الملك بلائاته الثلاث وكلا التي عجزت الظروف المحيطه بالأردن وقساوة المشهد الاقتصادي الداخلي عن تغييرها، بالاضافه إلى الخطوة التي لم تكن محسوبه من الاسرائيليين والتي تجسدت بالتقاء الدبلوماسيه الاردنيه مع وجهة النظر الاوروبيه حول ملف القدس وحل الدولتين، مما جعل إسرائيل تفكر مليا بأنها باتت منفرده في حلبة الرئيس الامريكي ترامب، وليس الإدارة الامريكيه جميعها لان هناك من يرفض التصرفات الاحادية لترامب من الإدارة نفسها،
ويضاف إلى ذلك الخوف الاسرائيلي من العلاقات الاردنيه الجيده وأسلوب محاكاة العقل الأوروبي الذي انتهجه وينتهجه جلالة الملك مع الاتحاد الأوروبي الأمر الذي حسبه الساسه الاسرائيلين بتوقيت متأخر، بانه قد يفقد إسرائيل ثقلها ويحرمها من زخم الدعم الأوروبي للمشروع التوسعي الاسرائيلي في صفقة القرن، ومن هنا يبدو ان استمرار الموقف الأردني الرسمي والشعبي بهذا الانسجام دون الالتفات إلى دعم دبلوماسي عربي من دول المحيط والارتكاز على الحاله الاوروبيه الحاليه في تثبت الموقف الاردني واحداث اختراق دبلوماسي للتيار الوسطي في الإدارة الامريكيه، يعتقد ان عمان ستلبي متطلباتها من صفقة القرن (بعيدا عن العاطفه لن اقول سوف تنجح في إيقافه) ولكن سوف تنتزع عنوة تنازلات تستفيد منها في تحسين وضعها التفاوضي أن فتح باب التفاوض على بعض نقاط الصفقه المرفوضه او في أقل الاحتمالات الخروج من حالة الضغط الاقتصادي والاجتماعي الحاليه، وأعتقد أن هذا السيناريو أقرب إلى التطبيق والواقع، ويعزز ذلك التصريحات الاسرائيليه التي أجلت السيطره على المستوطنات لما بعد الانتخابات، والموقف الامريكي الذي أكد قبل يومين بان على الاسرائيلين التريث بتنفيذ بنود الاتفاق وضم غور الاردن لحين تشكيل لجنة إشراف عليا تشرف على ذلك، مما يشير إلى بروز حلحله في الموقف الامريكي الذي كان ساعة اعلان الصفقة متشدد لدرجة ان الجميع ظن ان تطبيق الصفقة سيكون فوري، من هنا يبقى ثبات الموقف الفلسطيني رئيسي وضروري في التصعيد برفض الصفقه معتمدا بذلك على الثبات في الموقف الأردني الصلب بسبب البعد الايدولوجي والتاريخي والديموغرافي الذي يربط بين الدولتين، الأمر الذي قد يخرج صفقة القرن من حالة الاستعصاء الاسرائيلي - الامريكي لتنفيذها إلى حاله تفاوضيه وسياسيه طالما إسرائيل كانت ترفضها.