المعركة الاعلامية .. والخطاب الصهيوني يسيطر
مأمون مساد
06-02-2020 10:41 AM
اعود للكتابة في اهمية سلاح الاعلام في مرحلة الصراع بعد صفعة القرن التي تقودها واشنطن وتل ابيب اتجاه القضية الفلسطينية في محاور اقامة الدولة الفلسطينية ،القدس ،حق العودة ،واللاجئين ، وقد اعدت العدة لخوض هذا الصراع اعلاميا اولا منذ بدايات ترشح ترمب وطرح برنامجه الانتخابي وصولا الى تنفيذ الاعتراف ونقل السفارة الامريكية للقدس واخيرا طرح صفعة القرن التي تلقتها القضية واهلها من الفلسطينين والاردنيين على حد سواء .
الجانب الدعائي احتل حيزاً مهما في النشاط الصهيوني ،والسياسة العامة للإعلام الإسرائيلي يتم توجيهها عبر دوائر حكومية مختصة ، حيث تتداخل السياسة الإعلامية الإسرائيلية بجانبين مهمين من النشاطات الرسمية ،
الأول : السياسة الخارجية : حيث درجت إسرائيل على جمع مهام وزارة الإعلام في وزارة الخارجية ،
الثاني : أجهزة الأمن الإسرائيلية ، حيث تشرف دائرة الحرب النفسية في وزارة الإعلام الإسرائيلي الموجه إلى المنطقة العربية بهدف زرع اليأس في نفس الإنسان العربي وزعزعة ثقته بنفسه وأمته وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، فضلا عن شن حرب نفسية متواصلة ضد العرب وتحقيق سياسة إسرائيل الهدامة في المنطقة العربية ولذلك نجد ان
الحاخام اليهودي Rerichornr في اجتماع سري أعده اليهود في مدينة براغ سنة 1869 يقول : " إذا كان الذهب هو القوة الأولى فإن الصحافة هي القوة الثانية، ولكن الثانية لا تعمل من غير الأولى ، وعلينا بواسطة الذهب أن نستولي على الصحافة، وحينما نستولي عليها نسعى جاهدين لتحطيم الحياة العائلية والأخلاق والدين والفضائل ".
وتشير الإحصاءات إلى أن الصهيونية تمتلك ما يقرب من 1035 صحيفة ومجلة على مستوى العالم منها 254 في أمريكا
وحدها
و158 في أوروبا و32 في أفريقيا، وتعتبر الصحافة اليهودية أوسع شبكة صحفية تصدرها مجموعة بشرية في العالم .
ترتكز الدعاية الإسرائيلية الخارجية على خمسة مرتكزات أساسية :-
المرتكز الأول : ادعاء إسرائيل أن الصهيونية ليست سوى تعبير عن إيمانها بالعالمية
المرتكز الثاني : إظهار إسرائيل بمظهر الدولة المحبة للسلام والراغبة في التعايش مع العرب، في مقابل إظهار العرب
بأنهم يرفضونها كياناً وحضارة وشعبا، الأمر الذي يعطيها تأييد الرأي العام الغربي ودعمه .
المرتكز الثالث : ادعاء إسرائيل بأنها قسم من حضارة الغرب المتمدن ممزوجة بحضارة يهودية أصيلة، الأمر الذي يعطيها صورة فريدة تجعل الغرب راغبا في دعمها ومساعدتها على حقها التاريخي في الوجود .
المرتكز الرابع : تظهر الدعاية الصهيوني إسرائيل كدولة تؤمن بالمساواة بين الشعوب وبين أبناء الشعب الواحد ؛ لذا تظهر إسرائيل نفسها معينا ومؤيداً للشعوب والأقليات المضطهدة مثل الأكراد ـ الأقباط .
المرتكز الخامس : إظهار العرب بصورة رديئة وسيئة، سواء على صعيد الأفراد أو المجتمعات ـ فهي مثلا تصور الإنسان العربي بمظهر المتآمر ، الجبان ، الغبي الإرهابي ، المتخلف ... وغير ذلك .
بالمقابل فإن الاعلام العربي في اغلبيته يغيب عنه الخطاب الموجه الى الاخر ، الخطاب القائم على تقديم الحقيقة بلغة مواجهة للغة خطاب الكراهية الذي تفيض به وسائل الاعلام الغربي والعالمي وعبر فضائيات وفضاء الالكتروني و يوظف جميع اللحظات لهذه المعركة غير المتساوية ،مما يفقد الحق العربي من التعاطف وتشكيل الرأي العام العالمي الذي يقف الى جانبه .
ولعل من المؤسف حقا ان عدد من القنوات العربية قد استغلت وبنيت برأس مال يهودي او متعاطف معه وداعم له واصبحت منابر له ، فيما يتمترس الكثيرون الى لغة شتم بعضهم البعض وتقديم الثانوي على الاساسي ،وصرف الانتباه الى صراعات ثنائية وداخلية .
انها معركة صراع البقاء والوجود واطلاق مشروع الصمود يبدأ من حمل سلاح التأثير والاعلام تجاه الخارج لا الداخل. ،بأدوات الاخر التي يعرفها كلمة وصورة ، هاشتاق وادراج الالكتروني ،يقوم على تعرية الغاصب المحتل لحقنا ، ويكسبنا تأيدا ويشكل لوبي ضاغط على حكومات الاخر .
mamoonmassad@hotmail.com