صفحة من تاريخ الاردن : " الحلقة الثامنة "
29-05-2007 03:00 AM
شهدت بلادنا الاردن عهود اليونان ، فبعد أن انتصر الأسكندر المقدوني على داريوس ملك الفرس سنة 333 ق م ، اجتاح المنطقة ومن بينها الاردن ، فقسمت الامبراطورية بين قواده ؛ فكانت مصر من نصيب البطالمة ، أما بلاد الشام فكانت من نصيب السلوقيين ، الا ان بطليموس تمكن عام 312 ق م من ضم جنوبي بلاد الشام اي الاردن وفلسطين لتصبح جزءا من دولة البطالمة الذين يتمركزون في مصر . وفي هذه الاثناء سير انتغونس ملك سورية عام 311 ق م جيشا بقيادة اثنيوس لاخضاع الانباط ، فتمكن الجيش من دخول عمون ومؤاب دون مقاومة ، ثم وصل الى البتراء واحتلها الا ان اهلها الذين فروا منها ما لبث ان اغاروا على جيشه اليوناني وابادوه عن بكرة ابيه عدا خمسين فارسا ، فاضطر انتغونس بعد هذه الهزيمة أن يكتب أمانا للأنباط أمنهم فيه على انفسهم .
ورغم الامان جهز انتغونس جيشا بقيادة ابنه ديمتريوس ، فانقض على الأنباط ، إلا أن أهلها تركوها وخرجوا منها قبل قدوم الجيش لعدم تصديقهم وثقتهم بأمانه ، فلم يجد جيشه سوى كبار السن الذين دفعوا له الفدية فعاد الجيش راجعا الى دمشق .
وقد ساد السلام منطقة شرقي المتوسط ومن بينها الأردن ، بعد حملات انتغونس على الانباط ، واستمر إلى أن ارتقى بطليموس الثاني العرش في مصر عام 286 ق م ، فاجتاح المنطقة عام 280 ق م إلى أن وصل إلى تيماء والعلا ومدائن صالح ، قاطعا طرق تجارة التوابل .
وفي عام 218 ق م اسفر العداء بين انتيخوس الثالث وبطليموس عن قيام انتيخوس باحتلال جدارا اي ام قيس وابلا أي اربد ، ثم سار جنوبا الى فيلادلفيا اي عمان ، ولكن مالبث ان تمكن بطليموس من احتلال شمال شرقي الاردن عام 217 ق م ، وظلت البلاد في قبضته الى عام 202 ق م ، عندما غزاها انتيخوس ، ولكنه لم يمكث بها الا سنة واحدة ، وفي سنة 197 ق م انعقد الصلح بين الملكين ، وبموجبه احتفظ انتيخوس بسوريا وفلسطين دون أن يكترث بشرقي الأردن ، فتمكن هركانوس من إقامة إمارة في عراق الأمير في ظل البطالمة ، إلا أن انتيخوس ملك سوريا قرر غزو هركانوس فقرر هركانوس قتل نفسه سنة 175 ق م بعد أن استمر حكمه في شرقي الأردن حيث سيطر على عراق الامير وما جاورها من البدو لمدة 12 عاما .
وفي سنة 103 ق م عاد النزاع قويا بين ممالك اليهود في أنحاء فلسطين وبين ممالك شرقي الأردن خاصة عمون ، ومؤاب ، وجلعاد ، وشيخ البدو المسمى "عباد "، الذي كان يسيطر على المناطق المجاورة لنهر اليرموك والأغوار الشمالية.
وقد حكم في تلك الفترة اسكندر جانوس حيث هاجم ام قيس وفتحها بعد حصار دام عشرة اشهر ، ثم سار الى الغور الشمالي عند قرية اما ثيوس ولم يستطع فتحها الا في المرة الثانية ، وبعد ان ظفر على المؤابيين والجلعاديين تصادم مع شيخ البدو المدعو عباد وتقهقر امامه ، وكانت العركة بينهما على شواطئ نهر اليرموك ، ثم تمكن جانوس من الاستيلاء على بلاد ديون وجراس اي ايدون وجرش ، ثم سيطر على قلعة ماخيروس اي المخيط او مكاور بجوار مادبا ، وامام هذا الوضع الغير مستقر وطمح بطليموس لضم البلاد تطلع الناس الى ملوك الانياط لانقاذهم . فقد تمكن الانباط خلال هذه الفترة من توسيع نفوذهم ، وبدأوا بالسيطرة على مؤاب وفيلادلفيا أي عمان ، ثم دخلوا دمشق سنة 85 ق م ، فامتدت سلطتهم من دمشق شمالا إلى وادي القرى قرب المدينة المنورة جنوبا ، ومن بادية الشام شرقا إلى خليج السويس غربا ، وتعتبر دولة الأنباط أول دولة عربية تزدهر في شرقي الأردن ، وقد طور الأنباط اللغة الآرامية العربية فابتكروا الخط النبطي ، وهو أول شكل من إشكال الخط العربي الذي نستخدمه اليوم .
وقد حكم بلادنا الاردن ستة من ملوك الأنباط هم : الحارث من 95- 85 ق م ، ومالك من 50-28 ق م ، وعباده من 30- 7 ق م ، والحارث الثاني من 7 ق م - 40 ميلادي ، ومالك من 40- 75 م ، ودابل من 75 – 106 م ، وقد بقي الأنباط مستقلون في بلاد شرقي الاردن وسوريا وجزء من جزيرة سيناء وشمالي الجزيرة العربية ، إلى أن قدم بومبي عام 64 م فأصبح ملوك الأنباط تبع لأباطرة الرومان .
في الحلقة القادمة سنبدأ بتناول تاريخ دولة الأنباط ، حيث سنلقي الضؤ على هذه الدولة العربية التي تركت آثارا مادية واقتصادية وحضارية لا تزال موجودة إلى اليوم قبل ان نعاود الحديث عن الاردن في عهد الرومان البيزنطيين .
- انتهى-