الدور السياسي لمجلس الأعيان
المحامي محمد الصبيحي
06-02-2020 01:42 AM
لن أتحدث عن الدور التشريعي لمجلس الأعيان وإنما أتساءل بداية عما اذا كانت الحكمة الدستورية من وجود مجلس الأعيان في النظام الدستوري الاردني هو التوازن التشريعي بين أداء مجلس النواب المنتخب وبين خبرات رجال الدولة في مجلس الأعيان ام هو إلارث الديمقراطي الغربي الذي يفصل بين طبقة النبلاء وبين بقية الشعب؟؟.
بالتأكيد لا علاقة للمسألة بطبقة نبلاء فقد شاهدنا تركيبة المجلس متنوعة على مساحة الوطن ومكوناته. وليست المسألة تنحصر في مناقشة مشاريع القوانين التي ترد من النواب فحسب وإنما تتعدى ذلك إلى امرين، الأول وجود وتمثيل كافة مكونات المجتمع في مجلس الأمة فغالبا لاتأتي الانتخابات النيابية بتمثيل متوازن للشعب في المجلس لأسباب متعددة سواء حزبية او عشائرية مناطقية او بفعل المال السياسي لذا كانت تشكيلة مجلس الأعيان تأتي في أعقاب نتائج الانتخابات النيابية لمعالجة غياب فئة من الشعب عن مجلس الأمة
الأمر الثاني يكمن في وجود نخبة من رجالات الدولة وقياداتها في مجلس الأعيان ولا يمكن أن يكون وجودهم لمجرد مناقشة قوانين بل يتعدى ذلك إلى أحداث توازن بين القوى السياسية في الدولة خاصة عندما تكون الاحزاب السياسية فاعلة والمعارضة ناشطة والحكومة منشغلة بمهماتها والدفاع عن سياساتها في مواجهة المعارضة السياسية الحزبية والنيابية فياتي دور نخبة رجال الدولة في مجلس الأعيان للمشاركة في تسليط الضوء على القضايا الاستراتيجية التي تواجه الدولة وتقديم رؤيتهم وخاصة في اوقات الازمات والتحديات، فليس معنى أن يكون رئيس وزراء أسبق على سبيل المثال عضوا في مجلس الأعيان لمجرد التكريم والحفاظ على (البرستيج)، وإنما القصد ان مجموعة من نخب الصف الأول خبروا العمل السياسي والإداري داخل مؤسسة النظام القيادية ويعرفون من أسرار العمل وخفاياه ما لا نعلم وبالتالي فهم الاقدر على رؤية المشهد من الداخل والخارج وكانوا الأقرب إلى رؤية الملك وافكاره، ومن هنا يفترض ان يكونوا الميزان بين القوى السياسية وأهل الرؤية عندما تغيب معالم الطريق وتبدأ التحديات، وحملة المصابيح في الظلام، كل هذا من الناحية النظرية ومن الغوص في روح النصوص الدستورية ومراميها ، غير الواقع العملي يختلف كثيرا فقد خبرنا رجال دولة يعتبرون عضوية الأعيان مكافأة نهاية خدمة واستراحة المحارب هذا بالطبع لو تعفرت احذيتهم بتراب قرى الوطن وسقطت حبات عرق من جبين أحدهم في صيف غور الأردن او نفرت من عينه دمعة على خد طفل بائس على أطراف صحراء الوطن.
نتابع مجلس الأعيان الموقر فنكاد لا نسمع غير صوت دولة الرئيس فيصل الفايز يتحدث في قضايا الوطن هنا وهناك كل أسبوع تقريبا بينما يلوذ بعض رجال الدولة بالصمت ويكتفون بمراقبة المشهد في ظرف قد يكون الصمت فيه خطيئة.