اشغلنا اعلان الرئيس الامريكي عن صفقة القرن، واشغلنا وباء الكورونا واجتياحه للصين، وقد تزامنا معا، الصفقة والكورونا، ولكن اجد نفسي امام تشابه بين صفقة القرن ووباء الكورونا، وهنا خرجت لاقول صفقة الكورونا،
الكورونا الان فيروس ينتشر والابحاث العلمية تحاول ايجاد علاج مضاد له لوقف زحفه وخروجه عن السيطرة،
اصبح الكورونا رعب في مواجهة العالم،
ولا يختلف الامر عن صفقة القرن فقد تم طبخها في امريكا ويريدون نشرها وفرضها على الشرق الاوسط، ولكن لن يمكنها وضع علاج للصراع المزمن ولا يمكنها اقناع احد بانها الحل النموذجي للقضية الفلسطينية، بل الصفقة نفسها ستولد مشكلات اخرى.
الصفقة والكورونا لا علاج لهما للان، ونتائجهما غامضة، ولا نعلم تداعياتهما الخطيرة.
صفقة القرن 2020 جاءت بعد اكثر من مشروع لحل القضية الفلسطينية منذ قرار تقسيم فلسطين 1947، وكانت هناك مشاريع تسوية اقترحتها لجان تقصي الحقائق قبل عام 1947، وتابعنا مشروع ريغان، والمبادرة العربية واتفاق اوسلو ومبادرة روجرز، ومبادرة كلينتون ومشروع المملكة العربية المتحدة ومبادرة الرئيس الحبيب بورقيبة عدا عن سلسلة قرارات مجلس الامن الدولي وجميعها لم توصل الى اي حل كان، ولكن نلاحظ ان كل المقترحات السابقة كانت تواجه بالرفض العربي وكذلك الاسرائيلي وهذا ما يفسر لماذا اراد ترامب ان يعلن الصفقة ومعه الاطراف الاسرائيلية وذلك بعد ضمان موافقتهم، وكأن الرأي العربي غير موضع اهتمام، والمهم ضمان الموافقة الاسرائيلية الرسمية.
صفقة القرن جاءت في محاولة ترميم الجراح ولكن باسلوب يفاقم من المشكلة، وتجاهل اهل الصفقة الصوت العربي عموما والصوت الفلسطيني خصوصا وتحذيرات الملك عبدالله الثاني بأن لا حل للقضية الفلسطينية الا بحل الدولتين، وان يكون للدولة الفلسطينية استقلالها وسيادتها وعاصمتها القدس العربية.
صفقة القرن لم تقترب حتى من انصاف ولا من ارباع الحلول، واصبحت عقبة كأداء جديدة وعقدة جديدة على طريق التسوية السلمية، خاصة ان لا مكاسب للفلسطينيين بل زيادة في الحصار وتحديدات على التنقل، والتجريد من السلاح، وسيتبع ذلك ترانسفر داخل ارض فلسطين. وهذه ستكون لائحة الادعاء الفلسطيني في وجه اية مفاوضات كانت ولا يمكن التنازل عن الدولة الكاملة والاستقلال التام والحرية في كل امر.
الصفقة ادخلت المنطقة في متاهة جديدة ستطول، وقد كان الوقت دائما هو لصالح اسرائيل، لكن المعادلة الان غير ذلك فارض فلسطين هي هي لن تزيد أو تنقص، ولكن شعب فلسطين يصل عددهم الى 2،6 على ارض فلسطين التاريخية مقابل 8،6 مليون يهودي مع اعتبار ان نسبة التكاثر العربي اعلى بكثير من النسبة عند اليهود، وهذا عامل ديمغرافي يشكل قنبلة موقوتة ستنفجر في كل القرارات والمبادرات والمشاريع والصفقات، وتعود فلسطين العربية التاريخية التي غزتها كل اقوام الارض ولفظتهم وماتوا على ارضها أو خرجوا مهزومين ، والتاريخ فيه الحتمية التي تكررنفسها على الدوام.
الصفقة هي كشف لكل اوراق امريكا والاحتلال ، وربما هذا هو آخر ما في جعبتهم ، ولكن نحن العرب الفلسطينيون ومعهم الاردنيون نملك كل مقومات القوة التي التي نحتاج الى تعظيمها على قاعدة التنسيق النظيف والصلابة المستمدة من شرعية المقاومة والثقة بأن اليأس لا مكان له ، وان الحق العربي واضح بيِّن ، وان دماء شهدائنا وتضحياتنا كأردنيين لن تذهب سدى ونحن سنكون الاوفياء للدم والارض وللقدس ولكل فلسطين .