ظهرت نظريات عديدة لتعريف خط الفقر , ولكن التعريف الاكثر شيوعا وقبولا, هو أدنى مستوى من الدخل للفرد البالغ الذي يحتاجه في بلد ما, لتوفير احتياجات حياته الاسياسية من الطعام والشراب والمسكن والملبس والتعليم والرعاية الصحية. وحتى نتمكن من تحديد نسبة الاردنيين الذين تترواح مكانتهم حول خط الفقر, فلابد لنا ان نقوم اولا بتحديد متوسط حصة الفرد الاردني من الدخل القومي السنوي, والتي تقدر بحوالي 3,200 دينار في السنة اي بمعدل 267 دينار شهريا للفرد, ومقارنة ذلك مع معدل تكلفة الحصول على الاحتياجات الاساسية للانسان البالغ, وكل من يقع دخله عند مقدار تكلفة الحصول على الاحتياجات الاسياسية فهو في مستوى خط الفقر.
حسب منظمة الصحة العالمية, فاحتياجات الانسان الذكر البالغ من السعرات الحرارية تقدر بحوالي 2,400 يوميا, واما بالنسبة للانثى تقدر بحوالي 2,000 سعر حراري يوميا وللاطفال بمعدل 1300 سعر حراري, وهذه الكميات قد تزيد او تقل حسب معدل نشاط الانسان وعمره ايضا. واذا اخذنا عينة من الاوزان من الفواكه والخضروات والاسماك واللحوم والاجبان والبيض والحليب في الاردن التي تكفي حاجة الانسان البالغ من المعادن والفيتامينات وتمده بحوالي 2,400 سعر حراري يوميا, نجد ان تكلفة تلك السعرات الحرارية تقدر بحوالي 4 دينار يوميا, ولذلك عائلة مكونة من اب وام وطفلين, تحتاج الى ما يقارب 7,000 سعر حراري يوميا, بتكلفة طعام وشراب تقدر بحوالي 11.67 دينار للعائلة يوميا اي بمقدار 350 دينار شهريا, واذا اضفنا تكلفة ايجار للسكن بمقدار 250 دينار شهري, ويضاف اليهما تكلفة مصاريف الملبس والمواصلات والتعليم والرعاية الصحية بمعدل 200 دينار شهري للعائلة ,لذلك تصبح اجمالي التكاليف الشهرية لعائلة مكونة من اربعة افراد حوالي 800 دينار في حدها الادنى للحصول على الاحتياجات الحياتية الاساسية, ولذلك دخل الفرد الذي يبلغ 200 دينار في الشهر يعتبر في مستوى خط الفقر في الاردن.
وبمقارنته مع متوسط حصة دخل الفرد من الدخل القومي البالغة 267 دينار في الشهر يمكن ان نستنتج ان ما نسبته 40% من الاردنيين تدور في فلك خط الفقر.
اما عن كيفية هزيمة خط الفقر, فمن الضروري التوقف عن التدخين لان ذلك يستنزف جزء كبير من ميزانية العائلة او الافراد ,وكذلك الابتعاد عن العادات الغذائية السيئة مثل الطهي بكميات كبيرة تفوق حاجة الانسان , فهذا يدخل في باب التبذير غير المبرر, فتكلفة هذه الكميات الاضافية من الطعام قد تساهم في مساعدة مليون عائلة اردنية تقع في خط الفقر, ويجب الابتعاد عن تناول المشروبات الكحولية, ومن الضروري تناول المكملات الغذائية مثل الفيتامينات والمعادن, وهذه تباع في الصيدليات بكثرة وباسعار معقولة وشرائها ارخص بكثير من الحصول عليها من الطعام فقط .
اما على صعيد الحكومة , فمن الضروري اعطاء اللاولوية في التوظيف لابناء تلك المحافظات التي تزداد اعداد البطالة فيها , و يقل متوسط دخل الفرد فيها عن مستوى خط الفقر , وكذلك تشجيع وتقديم الدعم للسيدات المتزوجات لتتمكن من ايجاد فرص عمل ,وخصوصا في تلك الاسر التي تعتمد في دخلها على رب الاسرة فقط, وتوفير الرعاية الصحية المجانية والتعليم الاساسي المجاني لتلك الطبقة من الفقراء التي يقل دخل الاسرة فيها عن 800 دينار شهريا , وكذلك اطلاق حملات توعية لتنظيم عملية الانجاب بما يتناسب مع دخل الاسرة ,وكذلك توزيع عادل للثروة الوطنية على جميع المحافظات اي بمعنى زيادة المخصصات المالية لمجالس المحافظات , وحماية المنتجات الصناعية والزراعية المحلية لانها مصدر دخل هام للمواطنيين ,والعمل على استهداف الطلاب من الطبقات الفقيرة لتعليمهم وتدريبهم من اجل زيادة فرصتهم في الحصول على عمل في الخارج .
ومن منطلق المسؤولية المجتمعية والوطنية , فمن الضروري ان تقوم البنوك على تمويل المشاريع الانتاجية للمواطنيين في تلك المحافظات التي يزداد الفقر فيها , عن طريق توفير قروض ميسرة بقوائد رمزية لا تزيد عن 1% سنويا لتغطية مصاريفها الادارية فقط ,لان المرابح التي تجنيها من المواطنيين هي فعليا على حساب الاقتصاد الوطني , والفوائد المرتفعة تساهم الى حد كبير في الجمود الاقتصادي وزيادة حالة الفقر .
waelsamain@gmail.com