بالمناسبة الاحزاب المرخصة في الاردن عددها يفوق سبعين حزبا. ولربما حزب أو حزبان لهما مقار معلومة ومنتسبون ويصدران بيانات وتعليقا سياسيا عما يجري في البلاد.
هناك احزاب دون جماهير، ودون هئية عامة ودون منتسبين، واحزب من دون برنامج ومشروع.
والطريف بالأمر ترى احزابا مقارها ملحقة لدكاكين ودور حضانة ورعاية اطفال ومطاعم ومحال قهوة صب، ومحامص ودراي كلين، ومكتب سياحة وسفر، ودواوين.
و الاكثر طرافة أنك لو وجهت سؤالا الى جمهور الاردنيين، كاستطلاع رأي عام وما شابه، بذكر اسم حزب او حزبين، فالنتيجة ستكون كارثية وصادمة، الاردنيون لا يعرفون اسماء احزابهم! فمن تمثل كثير من الاحزاب الممولة والمدعومة من الحكومة إذن؟
الاردن البلد الوحيد في العالم حكومته تدعم احزابه، مفارقة غريبة.
الاحزاب الاردنية رخصت قانونيا من 89 بعد هبة نيسان والتحول الديمقراطي، ما اصاب الاحزاب كثرة التعداد، وكل شهر واسبوع ويوم يتفرخ حزب جديد.
و لربما اكثر ما هو ظريف ان هناك حزبيين مسجلون باكثر من حزب، ولا يعرفون اسمها ولا برامجها، ولكن يعيرون هوياتهم الشخصية لغايات اجراءات التسجيل والترخيص للحزب.
زحام حزبي، ولا يصدر عنها حس ولا خبر، ولا حتى عيدية وتهنئة في الاعياد والاحتفالات الرسمية.
الحزب الاكبر في الاردن هو حزب الفقراء، ومن يزداد تعداد جمهورهم يوميا، وحزب ممتد على رقاع جغرافيا الاردن.
لربما هولاء هم الحزب والتنظيم الكبير يجمعهم روابط عقائدية معلنة من محنة الجوع والفقر والعوز، واولئك غير مقيدين رسميا، ملوا وعود الحكومات، ليس لديهم قيادة مركزية ولا مجلس شورى، ولا يجمعهم مؤتمر عام، ولكن تعثر عليهم في كل الهوامش الاجتماعية من الشمال الى الجنوب.
حزب يضم حملة شهادت جامعية عليا، ومتقاعدين، رواتبهم التقاعدية أقل من الحد الادنى للاجور ومداخليهم أقل من معدل خط الفقر.
و يشعرون بان دروب الحياة قد تقطعت بهم، ويشعرون بحسرة أكبر عندما يعجزون عن تلبية أدنى مستلزمات العيش الكريم لعوائلهم.
فلو يجري إنفاق اموال الحكومة التي تذهب الى كثير من الأحزاب لدعم فقراء على مقاعد الدراسة الجامعية، وفقراء مسجونين على قضايا مالية بسيطة وسخيفة، وفقراء لا يجدون قوت يومهم، ولا يقوون على تشغيل مدفأة في الشتاء القارص.
لربما هي مقترحات أعرف أنها لن تعجب كثيرين ، ولن تجد أذانا صاغية لسماعها، أقتنع بالاجابة الصامتة أحيانا ولا أكتفي بها، وأؤمن بان الالحاح يولد فكرة وموقفا ورأيا مضادا ومعاندا ومخالفا، وقد يضع جموع الجماهير على طريق الصواب الوطني نحو الاصلاح والتغيير الرشيد.
(الدستور)