هل سبق وأن تخيلت نفسك تستيقظ وأنت تطفو على مياه تغمر المكان؟ أو أن تستيقظ من نقطة ماء متسربة من السطح جراء الأمطار شديدة الغزارة تسقط على جبهتك؟ أو أن تجد فاتورة بصمتك الكربونية (كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري) على قارعة بابك يوماً ما؟ أو أن تنتظر لأسابيع كي تحصل على حصتك اليسيرة من الماء ذو النوعية الرديئة؟ صدق أو لا تصدق، فان هذا كله ممكن أو بدأ بالحدوث فعلياً في أماكن عديدة من العالم.
في البداية يجب علينا ان نوضح ان تغير المناخ ليس بشيء جديد على الكرة الارضية فقد تغير المناخ على مدار ملايين السنين لاسباب طبيعية ولكن في بطئ شديد للغاية (تخيلوها مثل بكرات في جهاز لكنها كبيرة وبطيئة الحركة) مما اتاح للكائنات التأقلم معه.
تغير المناخ حقيقة، والمسبب الرئيسي لهذا التغير هو أعمال الإنسان بحيث اصبحت نشاطاتنا المسبب الرئيسي لتغير المناخ (وضعنا بكرة صغيرة بين البكرات الكبيرة وتدور بوتيرة عالية جداً مثل الذي يحصل في الغيار الخفيف في الدراجات الهوائية).
إن انبعاث غازات الاحتباس الحراري من قبل البشر هي سبب ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي مما أدى لتأثر وتغير النظام المناخي.
ان العمليات الفيزيائية المتضمنة في النظام المناخي معروفة و مفهومة إلى حد كبير. مناخ الأرض يتأثر بعوامل وعمليات وتفاعلات على نطاق عالمي. و من أهم المكونات التي تساهم في تحديد طبيعة الغلاف الجوي هي المحيط الحيوي و المحيطات و البحار المتجمدة و الغيوم وطريقة التفاعل فيما بينها. أحد أهم الظواهر في الغلاف الجوي للأرض هي ظاهرة الدفيئة، و هذه الظاهرة هي السبب وراء قدرة الإنسان على العيش على كوكب الأرض بطريقة مريحة بمعدل حرارة يراوح 15 درجة سليوسية. بدون وجود الغلاف الجوي للأرض و ما يحويه من غازات طبيعية لكانت درجة حرارة الأرض أقل بثلاثين درجة مما هي عليه الآن.
غازات الاحتباس الحراري أو ما يعرف بغازات الدفيئة تشمل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكاسيد النيتروز والكلوروفلوروكربونات وبخار الماء. غازات الكلوروفلوروكربونات هي الوحيدة من ضمن غازات الاحتباس الحراري ذات المصدر الصناعي فقط، أما بقية غازات الاحتباس الحراري فهي تنتج عن عمليات طبيعية بالإضافة لعمليات الإنسان الصناعية، و لكن الاستخدام المكثف والجائر لمصادر الأرض الطبيعية أدى لزيادة تراكيزها في الغلاف الجوي وبالتالي زيادة قدرتها على الاحتفاظ بحرارة الغلاف الجوي وهذا ما يطلق عليه ظاهرة الاحتباس الحراري.
يعتبر حرق الوقود الحفوري لانتاج الكهرباء وللاستخدامات الصناعية وفي وسائل المواصلات أكبر المصادر الصناعية لغازات الاحتباس الحراري. ومن ناحية أخرى فان تركيز غازات الاحتباس الحراري ارتفع نتيجة خسارة المصادر الطبيعية الرئيسية القادرة على امتصاص وخزن هذه الغازات من خلال فقدان النظم الحيوية (بما في ذلك الغابات) والتصحر بالإضافة إلى زيادة حموضة المحيطات.
ومن الجدير بالذكر أن التغيرات المناخية لا تحدث فقط بسبب الإنسان بل لها أسباب طبيعية أيضاً، والطبيعية منها تشمل تغيرات في النشاط الاشعاعي للشمس والنشاط البركاني والتغيرات في محور دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس. تعتبر هذه التغيرات الطبيعية عوامل خارجية مسؤولة جزئياً عن التغيرات الحاصلة في الوقت الراهن ؛حيث تأخذ فترة زمنية أطول (عشرات ومئات الآلاف من السنين) ويجب تمييزها بوضوح عن التغيرات المناخية التي يسببها الانسان والتي يمكن الحد منها باتخاذ عدة اجراءات وقائية.
أصبح الانسان حالياً أحد مكونات نظام الأرض، يزيد من معدل اطلاق غازات الاحتباس الحراري ويزيد حرارة الأرض. فان ارتفاع درجات الحرارة يؤدي الى حدوث آليات تضاعف الأثر مثل زيادة نسبة اطلاق غازات الاحتباس الحراري كالميثان الذي كان محتجزاً في التربة (حلقات تضاعف الآثار)، وهنا تكمن خطورة هذه المشكلة العالمية!
القرار يعود لنا لنوقف المناخ من التغير، فيجب أن لا نتردد بعمل أي شيء من شأنه التقليل من اطلاق غازات الاحتباس الحراري، وبهذا نؤدي واجبنا اتجاه وطننا الأرض.