ترامب ونتنياهو في استعراض سافر للقوة
أحمد عبد الباسط الرجوب
02-02-2020 09:49 AM
ترامب ونتنياهو في استعراض سافر للقوة ... يرسمان حدود دولة الكيان الصهيوني الجديدة ...
بعد طول انتظار، اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاصيل "صفقة القرن" ... توالت ردود فعل الحكومات العربية، التي بدت في معظمها متحفظة، وأخذت منحى بدأ في جزء كبير منه غير متناغم مع ردود فعل الشارع العربي، كما عكستها مواقع التواصل الاجتماعي...
اما وقد اخرج الرئيس الاميركي ترامب خطته لمشروع السلام الجديد بين الاحتلال الاسرائيلي وفلسطين والتي عرفت بـ "صفقة القرن"، والتي اظهرت في اهم ملامحها رسم الحدود الجديدة لدولة الكيان الصهيوني وشبه الدولة الفلسطينية المعزولة كما تبين صراحة استبعاد قيام دولة فلسطينية في المنظور القريب ... اذن هى " ليست صفقة "، بل إنها "وعد ترامب الذي لا يملك لا أرض ولا حق لمن لا يستحق ويحتل الأرض الفلسطينية والعربية "...
لقد ذكرني وقوف ترامب ونتنياهو في استعراض سافر للقوة وتصفية القضية الفلسطينية وهما يرسمان حدود الكيان الصهيوني الجديدة وشبه الدولة الفلسطينية المعزولة ... استعراض - ترامب ونتنياهو - شبيه بدخول ديان ورابين الاقصى في اعقاب حرب حزيران 1967، وهو ما يخالف القوانين الاممية والاجماع العالمية نحو اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967... صفقة " ترامب ونتنياهو "، تعترف بإسرائيل دولة يهودية، واعتبار القدس عاصمة "غير قابلة للتجزئة " لدولة الكيان الصهيوني، والاعتراف بسيادة الكيان على غور الأردن، وتقديم استثمارات بقيمة 50 مليار دولار للدولة الفلسطينية " والتنازل عن حق العودة للفلسطينيين، ونزع سلاح حركة حماس والمقاومة في غزة ...
عرضت خطة ترامب بأنه سوف يُعرض على اللاجئين أن يختاروا ما بين العودة إلى دولة فلسطين المنشأة حديثًا – حسب بنود الخطة - أو الاندماج في الدول التي يقيمون فيها حاليًا، أو الاستقرار في دولة ثالثة... وللتوضيح هنا فان الغاء حق عودة لنحو نصف مليون فلسطيني، وربما اكثر في لبنان وايضا نحو نصف مليون فلسطيني في الاردن، يعني ان هذه البلاد القابعة تحن ظروف اقتصادية صعبة ، فإنه يضع تلك الدول على موعد مع نوع اخر من الازمات، اذ ان التوطين يضرب المنظومة الديموغرافية في هذه البلاد وان طوفانا من نوع اخر يجتاح يومياتهم.. وفي هذا الاطار فان التجنيس يضر فعلا في القضية الفلسطينية ويحرم دولة فلسطين من الزخم البشري والذي يعد اهم مقومات الدولة الفلسطينية... وفي المقابل نقول وتحت عنوان الحفاظ على الهوية ومقاومة "التوطين"، يُحرَم اللاجئون الفلسطينيون من الحقوق الإنسانية والقانونية والمدنية في كثير من الأحيان...
صفقة ترسيم حدود الدويلة الفلسطينية تخرج الى العلن، اذ لم تواجه الا بموجة استنكار وبيانات عربية من هنا وهناك، ... السؤال لجامعة الدول العربية والتي اجتمع كبارها السبت في القاهرة .. هل لدى العرب ما يقولوه سوى اصدار البيانات المنددة وعلى استحياء والمطالبة بالاحتكام الى القرارات الاممية في هذا الاطار؟ ... فلسطينيا الرئيس محمود عباس اتكأ على التئام اجنحة الفصائل الفلسطينية، واشهر سيف الرفض، داعيا الشعب الفلسطيني، في الداخل والخارج، الى التعبير عن غضبه... فهل هذا يكفي؟ ... اين اسلو وملحقاتها؟ ... خير مكان لها الى حاوية القمامة ... الى مزبلة التاريخ..
نقول مما لا شك فيه بان الحدود الجديدة لدولة الكيان وشبه الدولة الفلسطينية المعزولة والتي افصح عنها ترامب ، وهى تدخل ضمن حملته الانتخابية القادمة وهى قد تكون كفيلة بان تعبد له طريق البقاء في البيت الابيض لولاية ثانية، وهو الذي يستعد لانتخابات رئاسية ثانية، ... ترامب ينتشي من زهوة انتصار اغتياله للجنرال سليماني ليعلن صفقته لخطة السلام الجديدة مستثمرا السبات والوهن العربي الذي تمزقة الصراعات وحروب الاقتتال الداخلي والتي اتت كلها بفعل السياسات الامريكية التي فصلتها لبلادنا العربية منذ زمن مستشارة الامن القومي المدعوة كونداليزا رايس صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة .. وفي رأيي فإن كل هذه التبعيات واعلان صفقة القرن من انتاج ادارة ترامب فإنها تعبد الطريق لولاية ثانية للسيد ترامب... وهذا هو حصيدة من هذا الصفقة وليس اكثر من ذلك ..
اردنياً... يبدو أن الضجر من خطة السلام الأميركية ومفاعليها قد استوطن كل من يترقبها، وهو ما يفسر الرسالة المقتضبة جدا التي أرسلها جلالة الملك عبد الله الثاني من العقبة جنوب البلاد ليطمئن الشعب الاردني... رسالة الملك انطوت على سبع كلمات فقط عشية ظهور تفاصيل الخطة التي شكلت تربة خصبة للأخبار والتسريبات والشائعات تارة ولممارسة الضغوط على الفلسطينيين والأردنيين تارة أخرى، في موازاة أحاديث وتصريحات ملكية كررت أكثر من مرة الموقف الأردني من أي تسوية، فقد قال الملك باختصار شديد بشأن صفقة القرن: "موقفنا معروف جداً ... كلا واضحة جداً للجميع"..
وفي قراءة عن مسوغات الأصوات الإسرائيلية المعارضة لنشر الخطة قبل الانتخابات، يمكن أن يكون لنشر خطة السلام قبيل انتخابات الكنيست تأثير كبير على الناخبين الإسرائيليين، حيث يخشى المتحالفين "أزرق أبيض" خطة تقوم عليها ادارة الرئيس ترامب لنشر الخطة قبل الانتخابات بناء على طلب نتنياهو لتعزيز موقفه في سبيل تقدمه على منافسة رئيس تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس في الانتخابات المقبلة... وكنا قد نوهنا في مقال سابق بهذا الخصوص نشر في هذه الصحيفة الغراء بعنوان " صفقة خراب القرن ... ورقة " ترامب ونتنياهو " لحسم الرئاسات انتخابيا وسياسيا " ، فلن تقدم شيئا جديدا لدولة الكيان الصهيوني التي بدأت على صفيح ساخن منذ تاسيسها في العام 1948 والى يومنا هذا مهما امتلكت من القوة العارضة والحاضنة الامريكية والتي لن تستمر الى ابد الدهر في محيطها من الفيضان البشري العربي والاسلامي ..
عاشت فلسطين حرة ابية عربية من البحر الى النهر... عاش الشعب الفلسطيني المجاهد البطل الصامد على ارض فلسطين المقدسة ...كل فلسطين
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com