الصفقة والموقف الشعبي الأردني الفلسطيني
د.مهند مبيضين
02-02-2020 01:29 AM
ضمان بقاء بعض الموافقين على الصفقة الصهيو- امريكية في مواقعهم قد يكون هو ثمن الرضا بها، هذا للأسف يظهر كم هو ضعف البنيان العربي اليوم، وكم هو محزن واقعنا وكم هو زمننا العربي نموذجي في الاخفاق لكي تتفرد اسرائيل بنا وبمصير المنطقة.
المهللون للصفقة هم كما يقول الناس البسطاء «أولاد الحرام» ممن يرون أن المسألة او القضية الفلسطينية لا تعني إلا أهلها، وهي في الحقيقة خلاف لذلك، والمسألة كلها وبرمتها كانت نتيجة لغياب العرب عن الفعل السياسي وانقسامهم وتركهم اسرائيل تتمدد وتتمكن، ولأن العرب اسقطوا من حساباتهم أنه بالامكان المراجعة والتحرير.
الأردن طلب القبول بقرار التقسيم 1947 وقيل عنه خائن ورجعي، والاردن قاتل منفردا في القدس القديمة 1948 وقيل عنه انه قبل الهدنة منفردا مع أن الواقع خلاف لذلك، والأردن راح للنكسة مقهوراً مع ادراكه للخسارة، ولكن كي لا يقال عنه انشق عن الصف الناصري العربي، ثم طرح عام 1962 خطة لتحرير القدس، وعمل عليها الراحلان وصفي التل واكرم زعيتر بتوجيه من الراحل الملك حسين، ومن ثم استعيد الحديث عنها عام 1972 حين اعلن جلالة الملك الحسين رحمه الله عن اجراءات لترتيب البيت الفلسطيني الاردني بصيغة اتحادية، ثم جاءت قمة الرباط 1974 لتأخذ القضية الفلسيطينة إلى مسار جديد، يعتبر منظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا، وقبل الأردن على مضض القرار، ثم أراد الاشقاء في فلسطين فك الارتباط وحدث ما حدث.
والملك عبدالله الثاني، كان اول الرافضين للصفقة، وخاض معركة دبلوماسية كبيرة ضدها، وسيبقى على ثوابته ومبادئ اجداده تجاه فلسطين والقدس، والحسين بن علي رحمه الله كان بوسعه ان يبقى سيدا في عرينه لو قبل بالتخلي عن فلسطين.
معنى هذا، أن هناك مسارا أردنيا هاشميا دائما كان يدعم الحق الفلسطيني والكيانية الفلسطينية، لكن كان هناك تيار عربي مضاد، أراد حصر القضية الفلسطيينة بيد الفلسطينيين وحدهم، وجاء اتفاق أوسلو، ليقتل خيار المقاومة، وينهي المشروع النضالي في صيغته «منظمة التحرير» فانتهى التحرير إلى سلام بارد، أنهى القصة باعلان دولة «غزة – أريحا»، والتي انتهت إلى أقل من ذلك لاحقاً وإلى انقسام حكومتين في غزة ورام الله.
هذا الحال الفلسيطني، ليس مجالاً للوم اليوم، ولا مجال للوعظ فيه، فالورقة الأقوى على الأرض هي الشعب الفلسطيني، وفي المصالحة، وفي الوقوف سداً منيعاً ضد التصفية الصهيو- اميركية للقضية الفلسطينية.
حتى الآن هناك شعبان معنيان بافشال الصفقة، وقادران على فعل ذلك، هما: الأردني بكل مكوناته، والفلسطيني غرب النهر، المقيم والمرابط، ولا يمكن لقوة أن تنهي التاريخ الموحد والآمال والآلام المشتركة بينهما، ووقانا الله شر أولاد الحرام.
(الدستور)