"صفقة القرن " في الصحافة الأوروبية
أ. د. ناهد عميش
31-01-2020 10:41 PM
توالت ردّات الأفعال الدولية بعد الإعلان عن تفاصيل "صفقة القرن"، من خلال المؤتمر الصحافيّ الذي عقده الرئيس الأميركيّ، دونالد ترامب في واشنطن يوم الثلاثاء، بحضور نتنياهو.
وقد أكد الاتحاد الأوروبي التزامه بـ "حل الدولتين عن طريق التفاوض وقابل للتطبيق"، بعد وقت قصير من كشف "صفقة القرن". وقال بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد "سيدرس ويجري تقييماً للمقترحات المقدمة".
أما الصحافة الأوروبية؛ فقد انتقدت في غالبيتها خطة ترامب، واتهمتها بأنها تراعي فقط مصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
صحيفة الobservateur الفرنسية، نشرت مقالاً لسارا دانيال بعنوان "خطة سلام ترامب، النكبة الثانية". وقد قالت سارا في مقالها" يبدو أن القضية الفلسطينية فقدت أهميتها بالتقادم، وإلا فكيف لنا أن نفسر اللامبالاة النسبية "بخطة السلام" التي هي النكبة الثانية ("الكارثة") للفلسطينيين؟!هذه الخطة نفسها التي تؤكد ضعفهم على الأرض، وتشكل اعترافاً صريحاً بميزان القوى الحالي، وتكشف عجز المجتمع الدولي عن صنع السلام. وفوق كل ذلك ، تعزز موقف بنيامين نتنياهو في أكثر سياساته تجريمًا: الاستعمار."
أما المقال الذي نشرته صحيفة الlibération الفرنسيةً؛ فقد جاء بعنوان (الصمت العربي العميق في مواجهة "صفقة القرن"): "إن التغيير في الأولويات العربية ، مع ازدياد الأزمات والصراعات من سورية إلى ليبيا، مروراً بالعراق أو السودان ، يفسر- إلى حد كبير - تنحي القضية الفلسطينية عن الأجندة العربية. بالنسبة لدول الخليج ،على وجه الخصوص ، حلّت إيران بشكل واضح محل إسرائيل كعدو رئيسي في المنطقة."
صحيفة Le Figaro الفرنسية بينت في أحد مقالاتها بأن الصفقة هي بين أميركا وإسرائيل؛ لأن الرئيس الأميركي ترامب أكد أن هذه الصفقة يمكن أن تنجح رغم عدم موافقة الفلسطينيين عليها، فغياب المسؤولين الفلسطينيين عن هذه المبادرة جعلها ذات طابع أحادي.
أما صحيفة "زودويتشه تسايتونغ" فقد جاء في أحد مقالاتها:
"الإعلان عن"صفقة القرن" في واشنطن لم يكن سوى استعراض بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وبالنسبة للرئيس الأميركي أيضا الهدف منه حشد وتحفيز القاعدة الشعبية للانتخابات المقبلة. أما التأثير الكارثي للإعلان الاستعراضي هذا؛ فسيظهر بعد فرز الأصوات عقب انتهاء الاقتراع في إسرائيل في الثاني من آذار/ مارس وبعدها بثمانية أشهر في الولايات المتحدة. والخسائر ستتجاوز الضحايا من القتلى والجرحى والتي يتوقعها المرء في الاحتجاجات المرتقبة: ولأن أقوى أمة في العالم تبنت كل ما يطالب به اليمين الإسرائيلي، فإن ذلك يعني أن أي رئيس وزراء إسرائيلي بعد الآن لن يستطيع أن يحيد عنها." (Deutsche Welle)
بصرف النظر عن التباين في وجهات النظر في الصحف الأوروبية، إلا أنها أجمعت في أغلبها على أن توقيت الإعلان عن صفقة القرن هو مرتبط بالمشكلات التي يعاني منها ترامب ونتنياهو مع القانون في بلادهما، وأيضاً تم ربطها بالانتخابات الإسرائيلية والأميركية المقبلة. وكذلك فقد جاءت أغلب الانتقادات لهذه الصفقة لكونها لا تلتزم بالقانون الدولي، ولا تعترف بحقوق الفلسطينيين، وتؤكد على السياسات الإسرائيلية غير القانونية.
وقد أشارت التغطية الصحفيه الأوروبية لغياب أولوية القضية الفلسطينية على الأجندة العربية بسبب التحدي التي تشكله إيران لبعض الدول العربية، وأيضاً حذرت الصحف من التبعات التي ممكن أن تترتب على إعلان هذه الصفقة، وبخاصة من الاحتجاجات المحتملة في الأراضي الفلسطينية.
من الواضح وجود استياء عام من صفقة القرن في الصحافة الأوروبية، ولكن هل سيتحول هذا الرفض للصفقة إلى موقف سياسي موحد للاتحاد الأوروبي في مواجهة هذه الخطة؟
هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.