منذ فجر التاريخ ، سطّرت المرأة أروع الأمثلة في البطولة والقيادة ، والتضحية ، فكانت صِنواً للرجل ، بل قد تبزّه أحياناً ، في مجالات ٍ شتّى ، فكان منهنّ الكاتبة والشاعرة ، والملكة ، ومن أشهر نساء العرب قديما ً " زرقاء اليمامة " والتي اشتهرت بأنّها كانت ترى من مسيرة ثلاثين ميلا ً .
أمّا الخنساء الشاعرة المخضرمة ، والتي عاشت عصر الجاهليّة وعصر الإسلام ، تدعی أم عمرو، واسمها تماضر بنت عمرو بن الشريد وهي شاعرة مضرية اشتهر شعرها بالعاطفة والرثاء والحزن، وقد قالت في رثاء أخيها مضر :
إن صخرًا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يستنشدها الشعر ، ويقول بعد سماعه : إيه يا خنساء ، وقد تأثّر شعرها بألفاظ القرآن الكريم ، إذ تقول :
فَخَرَّ الشَوامِخُ مِن قَتلِهِ وَزُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها
كما قالت في القصيدة نفسها:
فَإِن تَصبِرِ النَفسُ تُلقَ السُرورَ وَإِن تَجزَعِ النَفسُ أَشقى لَها
أمّا شجر الدرّ ، فكانت على قدر ٍ كبير من الجمال والدّهاء والذّكاء على حدّ سواء ، فقد استطاعت أن تحكم مصرَ ثمانين يوما ً ، مُخفية ً موت زوجها ، كي تحافظ على الروح القتاليّة للجيش في عصر ملوك الطوائف ، إلّا أنّ الخليفة العبّاسيّ المستعصم اعترض أن تتولّى امرأة حكم مصر ، مما اضطرّها للزواج من عزّ الدّين أيبك الذي قاسمها العرش آنذاك .
وعند الحديث الملكات في العصور القديمة ، يحضرنا الحديث عن زنوبيا ملكة تدمر ، وزوجة الملك أذينة ، كانت مولعة بالفروسيّة والصَّيد ، وكانت تجيد عدّة لغات ، ودرست الفلسفة ، قادت معارك وحروب ضدّ الرّومان ، وهي صاحبة المقولة الشّهيرة : " يجب أن تميّز روما بين قوّة الحضارة وحضارة القوّة . وقد شربت السمّ حتّى لا تقع في أسر أورليان .
أمّا كليوبترا ، المرأة الذكيّة والجميلة ، كانت وفيّة لأنطونيوس ، وكانت مولعة بالقراءة ، كانت شديدة الدّهاء ، وقد امتازت بالإباء والحلم والجرأة .
أمّا المرأة المحاربة ، فخير مثال ٍ عليها ، خولة بنت الأزور ، التي حملت السّلاح ، وخاضت المعارك والحروب إلى جانب الرّجال ، فكانت مثالا ً لحبّ الوطن والدفاع عن الحريّة والشّرف .
وعلى صعيد الأدب ، فقد برزت نساء عديدات كان لهنّ مجالس أدبيّة ، ومجالس علم ٍ وفقه ، كسكينة بنت الحسين رضي الله عنها ، وفي الأدب " ولّادة " بنت الخليفة المستكفي ، كان لها مجلس أدب وشعر ونقد ، وكان يتردّد إلى مجلسها ابن جوهر ، والغزال ، وابن زيدون الذي أحبّته
وكانت تفتخر بنفسها فتقول :
أنا والله أصلح للمعالي وأمشي مشيتي وأتيه تيها
أمّا في عصرنــا الحاضِر فهناك من النّساء اللاتي يضحّين بأثمن أوقاتهنّ ، للدّفاع عن المرأة ، وتمكينها في المجتمع ، وتكوين شخصيّة المرأة ، والإحساس بذاتها وقيمتها ، وعلى رأس هؤلاء النّسوة العظيمات جلالة مولاتي الملكة رانيا المعظّمة ، التي لا تألوا جهدا ً في الارتقاء بمستوى المرأة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة ، مستمدّة العون والتشجيع من ملهمنا وقائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظَّم .
فبوركت جهودك الخيِّرة ، مولاتي المعظّمة ، في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، ولَك ِ منّي ألف تحيّة ، لأن العظيم يسير على نهج العظماء .