الصدق مع النفس اول الطريق بعد صفقة نتنياهو
د.مؤمن سليمان الحديدي
31-01-2020 06:56 PM
سرقة القرن ، صفعة القرن ، صفقة نتنياهو الرديئة ، جميعها تلك اوصاف بغيضة لصفقة خائبة ،ولكن ماذا
بعد البكاء والعويل والصراخ ، فهذه مجرد حالة عاطفية صوتية لن تجدي نفعا، ماذا سنقول البنائنا ، ماذا
سنقول ألنفسنا وما هو المطلوب منا ومن أهلنا فالصراخ لن يزيدنا الا إحباطا وما هو الا مجرد حالة صوتية
. المطلوب منا جميعا ومن ضمننا الفلسطنيون السعي نحو برنامج وطني هدفه األهم إعادة فلسطين إلى القلب
العربي النابض ففلسطين ليست الشقيقة أو الصديقة ألن فلسطين هي نحن وألننا جميعا من أهل فلسطين
التاريخية حاملين إلرثها ، لان أرضنا قد باركها الله لانها حول القدس . يجب أن نعرف جميعا أن الوطن ليس
قوشان أرض ، ومن يشتري ارضا ال يجعله ذلك مواطنا ولكنه يبق صاحب أرض أوصاحب رأسمال . إن
معاني الوطن هي الحريه والكرامة والعداله االجتماعية وعلينا جميعا ان ننافح عن هذه المعاني.
علينا أن نستفيد من دروس الماضي وتجنب أخطائها ولعلي أستعيد المشهد الذي حدث بعد نكسة 1697
ومن يتذكر أو عاش تلك الفترة يعرف حجم الصدمة ولكن سرعان ما أصبح العرب بعد ان أفاقوا من
صدمتهم أكثر تصميما على محاربة الهزيمة وإزالة آثار العدوان البغيض وسرعان ما تحلقنا جميعا حول
فلسطين ، وكانت القدس هي بوصلتنا وقبلتنا االولى عربا مسلمون دينا أو تاريخا وإرثا وثقافة . لقد وجدت
الصهيونية نفسها أمام المارد العربي ، ولكن بعد ذلك اليوم الحزين الذي وصفه الشيخ الجليل عبد الحميد
السائح بأن العرب سيتذكرون هذا التاريخ ما قبله وما بعده 82/6/1671 ، فقد بدأ هنري كيسنجر وزير
الخارجية االمريكي األبرز يخطط البتالع فلسطين ويحقق الحلم الصهيوني . لقد هداه تفكيره إلى أن سرقة
فلسطين ال تكون إال بعزلها عن الحضن العربي الدافئ ووصل تخطيطه الى ذروته عندما أعلن في مؤتمر
الرباط عن اقليمية فلسطين وان الممثل الشرعي والوحيد هي منظمة التحرير الفلسطينية أي بمعنى آخر نقل
فلسطين من وجداننا العربي إلى مربع الدولة الشقيقة أو الصديقة لتصبح في وجدان العرب انها دولة يملكها
أصحاب القواشين ويملكون التنازل عنها بالظبط كما يملك صاحب االرض التنازل عن بعض ماله. لقد
ضرب هذا القرار اإلحساس العروبي في مقتل وبدأت منذ ذلك الوقت مسيرة العمل التدريجي البعاد العرب
عن قضيتهم االولى وجعلنا جميعا نحن العرب فلسطنيين وغير فلسطنيين ننظر الى فلسطين بنظرة اقليمية
لمالكي ارض سواء باعوها او اشتروها وننظر لهذا الوطن الذي نتشارك ملكيته التاريخية بنظرة الصديق
والجار فقط وليس بنظرة الشريك في الدم . لقد ترك قرارالرباط الموقف الفلسطيني ضعيفا يمكن االستفرد به
واجراء مفوضات وهمية تحت عناوين مختلفة للسالم وأدى المخطط أيضا إلى استخدام موروثاتنا الثقاقية
التي نعرفها مثل ) االعتماد على النفس ( او مقولة ) لن يحرر فلسطين إال أهلها وال داعي لالستعانه بالعرب
ونعتهم بأسوء األوصاف االمر الذي عزز الفرقة ومشاعر االقليمية البغيضة ( . لقد صاحب تلك الحالة
ادخال أوهام في الوجدان العربي او الفلسطيني اننا متجهين نحو السالم والرفاه االقتصادي ولنجد أنفسنا بعد
مسيرة هنري كيسنجر التي دامت خمسين عاما أمام صفقات وحلول وهمية تأخذ من الفلسطنيين كل شيئ
وتترك لهم مشاعر االحباط والذل والمهانه . .
لم يعد في الوقت الحالي بين القيادات الفلسطينية العروبية حيدر عبد الشافي وال بسام الشكعة وال منيف
الرزاز وابراهيم بكر وال شفيق ارشيدات او حمد الفرحان او سليمان الحديدي وغيرهم وغيرهم من ابطال
عصرهم بل لقد اعتلى المشهد آخرون يعيشون في وهم القدرة االقليمية المنفردة دون العربية يرددون
بقصر نظرهم مقولة ال نريد من العرب شيئا .
نعم الرد الحقيقي يكون بإعالن الرفض العربي والفلسطيني لهذه السرقة الكبرى في وضح النهار . نعم الرد
الحقيقي يكون بالوحدة العربية وبعد ذلك الوحدة االسالمية فال يجوز أن يكون تقديم الشعار االسالمي كما
أراده البعض في وضع كابول اولوية قبل القدس ويجرون الناس للقتال هناك شهداء بينما القدس على بعد
بضعة كيلومترات منهم فااالسالم هو العمود الفقري للعروبة . يجب تمكين الشباب بتاريخهم وارثهم
وتزويدهم بمقومات الحياة والوسائل الحديثة الفكرية للمقاومة الشعبية . يجب أن نقوم ببناء خطة تكون قوتها
ببساطتها ووضوح ثوابتها . يجب ان نتصارح ونصدق القول مع انفسنا . وأنهي بالقول إن الحق يصنع
قوة ونحن نمتلك الحق وال يجوز ان نتنازل عنه بينما القوة تصنع حالة مؤقته ولنترك للمستقبل من أبنائنا
بناء القوة لتحمي وتحمل حقنا وحقهم . ان كنا ال نستطيع فال يجوز التنازل ولنترك لمستقبل االجيال العمل
. والله غالب على امره.....2020