القانون هو الذي يحدد بدء سريان مواعيد الطعن
أ. د. كامل السعيد
30-01-2020 01:37 PM
برًا بوعدي الذي قطعته على نفسي بالامس بخصوص استكمال الحوار الذي جرى حول بدء سريان مواعيد الطعن في الاحكام الصادرة في المواد الجزائية او اتخاذ الاجراءات في قانون اصول المحاكمات الجزائية لدينا، ارجو ان ابين مايلي:
اولا: ان ما صدر عني بالامس من ان قوانين اصول المحاكمات الجزائية او الاجرائية - الجنائية كما يسميها المشرع الجنائي المصري ومن سايره – او قوانين الاصول المدنية هي التي تحدد هذه المواعيد والاجراءات.
ومن مراجعة النصوص القانونية في المواد الجزائية، يتبين لنا ان المشرع الجزائي لدينا لم يسر على نهج واحد ، فقد يحدد بدء الاجراءات من تاريخ صدورها او من اليوم الذي يلي تاريخ صدورها ، اي انه فرق في بداية سريان هذه المواعيد ، الامر الذي يتوجب معه التقيد بذلك تحت طائلة البطلان المطلق المتعلق بالنظام العام .
ثانيا : ان قانون اصول المحاكمات المدنية لدينا قد تبنا خطا او نهجا مختلفا عن النهج الذي تبناه اصول المحاكمات الجزائية ، من حيث ان النصوص القانونية في هذا القانون تحدد بدء سريان مواعيد الطعن قولا واحدا ليس اعتبارا من صدور القرار او الحكم المطعون فيه ، وانما من اليوم التالي اي من اليوم الذي يليه كما سنبين بعد لحظات
أ: اما المواد الجزائية التي تحدد اتخاذ الاجراء من طعن او غيره ابتداء من صدور الحكما فهي المادة (250 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية، حيث نصت على انه ( تعلن خلاصة الحكم الصادر عن المحكموم عليه خلال عشرة ايام من صدور الحكم .....الخ).
ب: نصت المادة (250 ) من هذا القانون على اعلان خلاصة الحكم الصادر عن المحكوم عليه خلال عشرة ايام من تاريخ صدور الحكم ....الخ ) ولم يقول النص خلال عشرة ايام تبدأ من اليوم التالي .
ج: المادة (261) حيث نصت على ان يبدأ الطعن في الحكم المستانف خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور القرار لامن اليوم الذي يلي صدور القرار .
د: نصت المادة (263/1) من قانون اصول المحاكمات الجزائية وكذلك المادة 15 /د / 2 تنص على ان المعترض الذذي لم يسبق له البينة الدفاعية ان يقدم خلال مدة عشرة ايام من تاريخ قبول الاعتراض شكلا قائمة البينات .
ه : وكذلك المادة (250 )فقد اوجبت اعلان خلاصة الحكم الصادر على المحكوم عليه خلال عشرة ايام من تاريخ صدور الحكم .... الخ )
و : وكذلك المادة 13 من قانون محكمة الجنايات الكبرى رقم 19 لسنة 1986حيث يبدأ سريان الطعن في القرارات او الاحكام لدى محكمة التمييز خلال 15 يوما من تاريخ تفهيمها اذا كانت وجاهية ومن تاريخ تبليغها اذا كانت غيابية وذلك بالنسبة للنائب العام والمحكوم عليه والمسؤول بالمال والمدعي الشخصي
اما بالنسبة لرئيس النيابات العامة فالطعن من قبله يكون خلال 30 يوما من تاريخ صدوره وكذلك المادة 15
اما المواد التي توجب تقديم الاجراءات من طعن او غيره ليس بدءا من تاريخ وقوع الاجراء او الحكم انما من اليوم الذي يلي اتخاذ هذا الاجراء او الحكم فهي المادة 184 والمادة 189/2من قانون اصول المحاكمات الجزائية وغيرهما كثير.
الوضع في قانون اصول المحاكمات المدنية رقم 34 لسنة 1988
يلاحظ ان المشرع المدني لدينا قد التزم نهجا واحدا من حيث انه حدد بدء مواعيد الطعن او الاجراءات الواجب اتخاذها ليس من تاريخ الحكم او الاجراء انما من اليوم الذي يلي صدور الحكم او الاجراء ، وعليه لا يجوز الخلط بين النهج الذي اتبعه قانون اصول المحاكمات المدنيةوالنهج الذي اتبعه قانون اصول المحاكمات الجزائية في هذا السياق وذلك على التفصيل التالي :
ففيما يتعلق بقانون اصول المحاكمات المدنية اؤكد كما اشرت سابقا بان مواعيد سريان الطعن او اتخاذ الاجراءات الواجب اجراءها لا تبدأ من التاريخ الذي صدر فيه الحكم او الاجراء وانما من اليوم التالي لذلك ، انظر المواد ( 23 ) و (179/1) و (180 /4) و (191/1) و (192/2) والجدير بالذكر ان هناك نصا ملفتا للنظر وهو نص المادة 171 من اصول المحاكمات المدنية حيث ورد فيه ما يلي :
على الرغم مما ورد في اي قانون اخر تبدأ مواعيد الطعون في الاحكام الوجاهية من اليوم التالي لتاريخ صدورها وفي الاحكام الصادرة وجاهيا اعتباريا او بمثابة الوجاهي من اليوم التالي لتاريخ تبليغها ).
تعليق في الوقت الذي ابدي فيه اسفي الشديد على فن التخاطب الذي صدر من احد الزملاء الذي احترم وهو االمحامي الاستاذ ايمن عوده والذي سبق لي ان تشرفت بتدريسه في كلية الحقوق بالجامعة الاردنية ردا على تعليقي المتمثل بان القانون هو الذي يحدد موعد بدء سريان الميعاد الواجب اتخاذ الاجراء فيه مبديا "الزميل "بان هذا الموعد يبدأ يوما من اليوم الذي يلي صدور الحكم او القرار لا من يوم صدوره كما يتطلب القانون احيانا ، يبدو ان الزميل وقع في خلط جسيم بين نهج قانون اصول المحاكمات المدنية ونهج قانون اصول المحاكمات الجزائية ورتب ايضا في رده علي ان القضاة المصرييين يحددون سريان ال المدة دوما ابتداء من اليوم التالي من صدور الحكم او القرار حتى ولو نص القانون على خلاف ذلك ومن هذا المنطلق وليس دفاعا عن القضاة المصريين او غيرهم ،لايعقل ان يطيق القضاة نصوص القوانين خلافا لما اوجبته عليهم نصوصها .