اختلاس الزراعة وإدارة الملف
سميح المعايطة
27-12-2009 03:40 AM
التفاصيل التي تبحثها الجهات الأمنية فإن إعلان الحكومة عن وجود اختلاس أو وفق التعبير الشعبي سرقة في وزارعة الزراعة أغلق الباب أمام كل التكهنات والاشاعات، لكنه جعل من القضية محكا سياسيا وإداريا لإدارة قضية فساد، ولأن إعلان القضية جاء في زمن يتم فيه الحديث بكثافة عن النزاهة ومكافحة الفساد.
القضية عبرت إلى الحكومة الجديدة من الحكومة السابقة، لكن وزارة الزراعة ووزيرها وطريقة العمل هي ذاتها ولا يغير من الامر تغير الحكومة. ولعل الإعلان الرسمي وظهور بعض التفاصيل من أرقام جعل الناس تنتظر طريقة التعامل وإدارة الملف. ولا نتحدث عن الجانب الأمني الذي تتولاه الجهات المختصة بل عن الجانب الإداري والسياسي، وحتى لو كان الاختلاس تم في عهد الحكومة السابقة فإن ادارة الملف وقع على الحكومة الحالية ورب ضارة نافعة.
أكثر من مليون دينار تم اختلاسها، وكما نقرأ أن العملية تمت خلال وقت ليس قصيراً، أي أن هنالك ثغرات في عملية الرقابة والتدقيق، وضعف في الآليات، ليس في الزراعة فقط، بل ربما في وزارات أخرى. وهذا ما يجعل جزءا من إدارة القضية مراجعة تلك الثغرات وتصحيحها، لأن الأمر قد يتكرر وربما تكرر في أماكن اخرى لكن من دون أن يتم اكتشاف السرقة، أو لم تكن الظروف السياسية تسمح بفتح الملفات.
والادارة الإعلامية أمر مهم، وهذا يستدعي الحديث بوضوح كبير، لأنها قد تكون المرة الأولى التي يسمع فيها الأردنيون عن اكتشاف سرقة بهذا المبلغ الكبير ويتم الحديث عن تحقيق ومعلومات ستظهر. والقضية ليست في إعلان بعض المعلومات بل تحويل القضية الى ملف يمكن القياس عليه وأن يتم إعلان كل التفاصيل وكل الاشخاص من البداية وحتى صدور الحكم، لان قضية بهذا الحجم لا تتكرر علنا ويمكن للحكومة ان تقدم نفسها للناس من خلال إدارتها بشكل سياسي وإداري متميز.
أما الجانب السياسي فهو مهم جدا، وهنا نتحدث عن المسؤولية السياسية للوزير.
الوزير لم يسرق وليس شريكا في اختلاس أموال الدولة في هذه القضية لكنه مسؤول عن وزارته، ومسؤوليته من جانبين؛ الاول عدم أدائه واجبه في الحكومة السابقة في تحسين أدوات الرقابة وإزالة الثغرات أمام أي كان للوصول إلى أكثر من مليون دينار بسهولة وبشكل مكنهم من استعمالها بل والتنقل.
أما الجانب الثاني، فهو المسؤولية السياسية التي تفرض على الوزير أن يدفع ثمنا سياسيا يعادل المكانة السياسية التي يمثلها الموقع الوزاري، وكما يقال "الغنم بالغرم"، ورغم رفض رئيس الوزراء قبول استقالة وزير الزراعة، فإنّ قيمة الاستقالة السياسية أنها تتحول إلى نموذج وحالة للقياس عليها.
sameeh.almaitah@alghad.jo
الغد ..