«ضريبة البنزين» .. وحسابات الشعبية!!
ماهر ابو طير
27-12-2009 02:18 AM
يقول نائب رئيس الوزراء السيد رجائي المعشر ، في رئاسة الوزراء ، وامام حشد من الصحفيين ، الخميس ، ان الحكومة قد تفرض ضريبة جديدة على البنزين ، ويمر الكلام سريعا ، على وجه نهاية الاسبوع.
اساسا نحن ندفع ضريبة مبيعات على البنزين ، قيمتها اربعة بالمائة على بنزين 90 وقيمتها ستة عشرة بالمائة على بنزين 95 ، وهذا يعني ان الحكومة ستقوم برفع ضريبة المبيعات على البنزين ، مجددا ، والاغلب وفقا للارقام ، ان لم تخنًّ الذاكرة ، ان يتم الرفع على بنزين 90 لان نسبة الضريبة عليه منخفضة مقارنة ببنزين 95 ، وكلنا يعرف ان اغلب اصحاب السيارات التي وصل عددها الى مليون سيارة في الاردن ، يستخدم بنزين 90 ، والحكومة سوف تجبي المال اكثر اذا فرضته على اصحاب السيارات التي تستخدم هذا النوع من البنزين.
فرض ضريبة جديدة على البنزين ، ايا كانت دوافعه الاقتصادية ، هو امر مرفوض جملة وتفصيلا ، فالضرائب التي يتحملها شعبنا ، هي من اعلى الضرائب واكثرها في العالم ، من الضرائب المسماة والمعروفة كضريبة الدخل ، وصولا الى مايسمى ضريبة المبيعات التي اهلكت الناس ، مرورا بضرائب تسمى رسوما اخرى ، ولو تأمل احدنا اي وصل دفع حكومي لوجد تصنيفات لايعلم بها الا الله ، من تبريرات الدفع تحت عناوين ومسميات شتى ، بحيث تتبدى قصة الجباية خلف كل وصل ، ووراء كل قرار.
"حسابات الشعبية الانية"....هي مفتاح سر المرحلة المقبلة ، وتحت هذا العنوان يمكن تنبؤ خطوات كثيرة ، وعدم مراعاة حسابات الشعبية ، امر خطير ، لان المواطن يعتقد اساسا ان لااحد يراعيه ولااحد يراعي حساباته ، فكيف يتم التعبير عن المرحلة المقبلة تحت عنوان عدم مراعاة حسابات الشعبية الانية ، وهل كانت تراعى هذه الحسابات اساسا عبر الحكومات السابقة ، وهل حل مشاكل الخزينة والوضع الاقتصادي يكون فقط بفرض ضرائب جديدة على الناس ، ومن اين يأتي الناس اساسا بدنانيرهم ، ولو حسبنا مايدفعه الموظف الحكومي طوال عمره ، ومايأخذه بالمقابل من خدمات صحية وتعليمية وحياتية ودنانير نهاية كل شهر ، وحسبنا وقته المهدور ، لاكتشفنا ان الموظفين لدينا في القطاعين العام والخاص يشتغلون مجانا ، ويدفعون للحكومة مقابل الجلوس على كرسي مهترئ وملعون ايضا.
لانعرقل الحكومة في بداية عهدها ، غير ان عليها ان تفكر مطولا في قصة فرض ضرائب اضافية على البنزين ، وهي قصة خطيرة بكل ماتحمل الكلمة من معنى ، والذين يصفقون لكل قرار حكومي لاعتبارات شخصية او عامة ، هم اخطر الاصناف على هذا البلد ، والذي يقول لك ان عجز الموازنة بات خطيرا ، وان جسد الاقتصاد بحاجة الى عملية جراحية لحمايته من اي اخطار ، يتناسى ان الجسد هو كلنا نحن والدولة ليست جسدا ، منفصلا عن الناس ، ومن يضع في اذن رئيس الحكومة حلا من هذا القبيل لانقاذ الاقتصاد ، باعتباره دليلا على الجرأة والاقدام ، وعدم الوقوف عند حسابات الشعبية الانية ، يلغم الحكومة في ايامها الاولى.
على الحكومة ان تبحث عن حلول اخرى لحل مشاكل الخزينة ، غير الجباية والبحث عن دنانير غير موجودة اساسا في جيوب الناس ، فكيف سنستعيد الطبقة الوسطى بهذه الطريقة ، وكيف سنواجه بقية المراحل ، وكيف سنحل كل المشاكل ، هذا على افتراض ان الحكومة مضت حتى النهاية واقرت رفع الضريبة على البنزين ، ونحن نعرف ان هناك خطوات اخرى بإمكان الحكومة ان تتخذها لرفد خزينتها بالمال غير ضريبة البنزين المشؤومة ، والتي ندعو الله ان تكون مجرد خيار تحت الدرس ، وليس قرارا نهائيا.
حسابات الشعبية لاتدين اي حكومة ، لان من يتوقف عند نبض الشعب ، لايكون ضعيفا ، ولا مهزوزا ، وهي رسالة الى الحكومة لكي تبتعد عن هذا التوجه ، وتبحث عن وسائل اخرى لحل مشاكل الخزينة ، التي ورثتها الحكومة ، من عشرات الحكومات التي سبقتها.فلتحذر الحكومة من هكذا خطوة ، ستكون تأثيراتها بما يتجاوز قصة الشعبية وارتفاعها وانخفاضها ، ومن اراد للرئيس بقلب نظيف ان ينجح في مهمته حقا ، فعليه ان يحذره من هكذا توجه ، لا..ان يرش على جرح الناس ملحا ، فوق الملح المرشوش اساسا ، ويصفق للخطوة باعتبارها فتحا مبينا.
matir@addustour.com.jo
الدستور.