الرئيس الرزاز يبدو أكثر ثقة بما يقول حول الرؤى والبرامج والانجازات. المدهش ان ما يقوله الرئيس لا يتوافق مع الحقائق والاستنتاجات التي توصلت لها احد اهم المؤسسات البحثية التي تعنى بتقديم الاستشارات والدراسات التي تدعم السياسات والقرارات الحكومية. في العام الماضي وهذا العام وبالتزامن مع ولاية الرئيس الرزاز اصدر المجلس الاقتصادي الاجتماعي تقارير شاملة تصف حالة البلاد في مختلف المحاور والقطاعات التي تمس اوضاع المجتمع وتصف احواله.
التقرير الذي اعده المجلس الاقتصادي الاجتماعي حول حالة البلاد 2019يقدم نتائج مغايرة للصورة التي قدمها رئيس الوزراء حول انجازات الحكومة لنفس العام. في ما اسماه الدكتور الرزاز "بجردة حساب" وهو نفس التوصيف الذي استخدمه المجلس لتقريره السنوي حول الاستراتيجيات الحكومية والقطاعية وانعكاساتها على الاداء والتنفيذ اشارات كثيرة الى نجاحات كبيرة حققتها الحكومة في جوانب اقتصادية وخدمية وتنموية. لا يوجد في الافق ما يساعد على التوفيق بين استنتاجات المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي امضى عاما كاملا في البحث والمراجعة والتدقيق وخلص الى تدهور مستوى الثقة وضعف الانجاز وغياب الخطط التنفيذية وتاخر تنفيذ السياسات المعلنة للوزارات والمؤسسات وتقارير الحكومة التي تقول بانها نجحت بنسبة 92% في تحقيق اهدافها.
لا اعرف اذا ما كانت مصادفة ان يظهر تقرير المجلس حول حالة البلاد بالتزامن مع اعلان الحكومة عن انجازاتها في ادارة الاقتصاد والخدمات والعلاقات والتنمية. العشرات من الصحفيين ومدراء المراكز البحثية الذين حضروا اللقاء الحكومي اليوم تفاعلوا مع ما قدمه الرئيس وطرحوا الاسئلة حول ما قامت به الحكومة وما لم تقم به .
في الاسئلة التي طالت الجمارك والضرائب والتعليم والروتين الحكومي والاجراءات العثمانية في الادارات واسعار الكهرباء وصفقتي الغاز والقرن وهجرة الاردنيين ومشاكل النقل ومعالجة الازمات وتعطيل مصالح الناس وغياب ثقافة الاعتذار عن الاخطاء والتقصير ومشكلات التعليم العالي وتاخر الاصلاح السياسي وضعف البنى التحتية ومشاكل اللامركزية وعجز الموازنة واموال الضمان الاجتماعي ومصير وجدوى الدمج والالغاء والحزم القديمة والجديدة وعدم تطابق الواقع مع ما يعكسه التقييم الحكومي وغيرها من القضايا تصوير بنورامي لهموم الناس وانشعالاتها.
في اللقاء الذي جمع اعضاء من الحكومة مع مراكز الابحاث وفئة منتقاة من الاعلاميين بدى الرئيس اكثر ارتياحا وتدفقا من اي وقت مضى. فقد اسهب على غير عادته في استدعاء بعض ما اوردته الحكومة خلال لقاءات عرض الحزم التشجيعية والتحفيزية المتتالية .ووظف ادبيات الاعلام واللقاءات المكثفة مع الصحافة في شرح ما قامت به الحكومة والرد على منتقديها .
اثناء اللقاء الذي بدى فيه الحضور اكثر اهتماما لم يفوت الرئيس فرصة او مناسبة لشرح ما يقوم به افريقه والدفاع عن السياسات والاجراءات والبرامج الحكومية و التاكيد على وجود انجازات مرضية بالرغم من كل ما يقوله من يتطلعون للاوضاع بعدسات قاتمة على حد تعبير الرئيس.
اختيار الحكومة لبيت الضيافة كمكان لللقاء والحضور الكثيف للوزراء عوامل مهمة في تحويل اللقاء الى ما يشبه المؤتمر الصحفي الخالي من الاثارة والتهويل التي يسعى خلالها المندوبون لتسجيل الهفوات والتقاط العناوين القابلة للتأويل.
في لقاء اليوم استطاع الرئيس ان يواجه النقد الموجه للحكومة حول تناسي الرئيس للمفردات التي استخدمت ابان تشكيله للحكومةحيث اعاد الى الاذهان شعار النهضة الذي ارتبط بحكومته وذكر الحضور بمفاهيم الدولة القوية والاقتصاد المنتج والتكافل الاجتماعي كاركان رئيسة للنهضة التي تحدث عنها.واشار الى ان النهضة عملية طويلة ومستمرة يصعب ان تلمس اثارها في عام او عامين.
لتلخيص ما قاله الرئيس اليوم في جملة واحدة يمكن العودة الى ما قال بان " ما حققناه في 2019 مهم لكنه اقل من طموحاتنا ". ما لم يقله الرئيس اليوم ولا يزال على شفتي كل اردني يتعلق باجابة لسؤال واحد ..."هل الاردن واوضاع الناس اليوم افضل مما كانت عليه في 2018؟"