وكأنّ القلق العام من الإعلان المرتقب لصفقة القرن هذا الأسبوع لا يكفينا، لندخل في موجة من الذعر بسبب تفشي فيروس “كورونا” في عدد من دول العالم بعد الصين التي تخوض حربا شرسة للسيطرة عليه.
الأردن وكما في كل الأحداث المشابهة يجد نفسه وسط تلك الأزمات. سوء الطالع وضع نحو 100 مواطن أردني في عين الفيروس، وتحديدا في المدينة الصينية ووهان التي كان لها السبْقُ في تسجيل العدد الأكبر من الإصابات.
لم تتأخر الحكومة في الاستجابة لنداء الاستغاثة من طرف الأردنيين المحاصرين في ووهان، فقد صدرت التوجيهات الملكية بإرسال طائرة خاصة لتأمين عودتهم لأرض الوطن. وزارة الصحة اتخذت الإجراءات اللازمة لوضع العائدين المقدر عددهم بنحو 55 مواطنا في الحجر الصحي لمدة 14 يوما للتأكد من عدم حملهم للفيروس الذي تصل مدة حضانته قرابة أسبوعين.
الأردنيون العائدون ينبغي عليهم قبل الصعود للطائرة التوقيع على تعهد يوافقون بموجبه على الالتزام ببروتوكول الحجر الصحي وعدم التواصل مع عائلاتهم في الأردن لحين التأكد من خلوهم من الفيروس.
وعلى الجانب الوقائي أعدت الوزارة خطة متكاملة للتعامل مع الوباء، وقامت بتجهيز مستشفى خاص في “البشير” وهناك خطة لإنشاء مستشفيات أخرى في حال استدعت الحاجة. وفي غضون أيام قليلة ستمتلك الوزارة اللوازم الطبية والمخبرية الخاصة بتشخيص المرض.
وحتى أيام قليلة ماضية لم يكن يتوفر علاج للفيروس، لكن الصين التي تثير إعجاب العالم بقدرتها على بناء مستشفى في غضون عشرة أيام لعلاج المصابين في مدينة ووهان، أعلنت بالأمس التوصل للقاح المقاوم للفيروس، وأكدت أنه سيكون متاحا بشكل مجاني في الصين خلال ساعات.
وفق تقديرات أصحاب الاختصاص، فيروس كورونا لا يمثل تهديدا خطيرا لحياة البشر، إذ لا تزيد نسبة الوفيات في الحالات المسجلة لغاية الآن عن أربعة بالمائة مقارنة مع فيروس “سارس” حيث وصلت النسبة 37 %. وكما في فيروسات مشابهة، فإن الأشخاص الأقل مناعة والمصابين بأمرض مزمنة وكبار السن معرضون لخطر الموت أكثر من غيرهم؛ هذا إذا لم يتلقوا العلاج في الوقت المناسب.
يتعين علينا أخذ الاحتياطات المطلوبة للتعامل مع الفيروس، خاصة وأن هناك توقعات بانتقاله للأردن عن طريق المسافرين في أي وقت، لكن التطير والهلع في مثل هذه الحالات يضر كثيرا، ويضع المواطنين تحت ضغوط نفسية كبيرة لا مبرر لها. خلال العقدين الأخيرين تعاملنا مع أصناف متطورة من الفيروسات، كإنفلونزا الخنازير والدواجن، وتمكنا بفعل منظومتنا الصحية المتطورة من احتواء نتائجها بأقل قدر ممكن من الخسائر البشرية.
وفي كل الأحوال ينبغي أخذ أعراض الإنفلونزا على محمل الجد، والتعامل معها مبكرا قبل استفحالها والتأكد من تحديد نوعيتها لتدارك خطر الإصابة بالأنواع المميتة.
لكن الأردن بقدراته الطبية وكفاءة كوادره ومراكزه الطبية وسمعتهم العالمية، يستطيع أن ينضم إلى جانب الدول والمراكز العالمية في جهودها لتطوير لقاحات وعلاجات خاصة بمقاومة الفيروسات القاتلة، التي سجلت تطورا خطيرا في السنوات الماضية. يمكننا على سبيل المثال إنشاء مركز خاص لأبحاث الفيروسات، وخوض تجارب تطوير اللقاحات، لتكون لنا مساهمة عالمية في حماية صحة وحياة البشر.
(الغد)