إن المتتبع لتاريخ بني إسرائيل يجد انه تاريخ مأزوم :فقد كانوا أذلاء تحت حكم الفراعنة وكانت مهمة النبي موسى عليه السلام هي تحرير هذا الشعب من الأغلال ، فلما جاءهم نبيهم ومحررهم والغيور عليهم شككوا فيه واستضعفوا أخاه النبي هارون . وقالوا له عند رؤية البحر أمامهم وفرعون خلفهم : أوذينا من قبل ما جئتنا ومن بعد ما جئتنا !! ولما أغرق اللهُ عدوهم أمامهم لم يزدد إيمانهم بل قالوا لموسى لما رأوا قوما" يعبدون الأصنام : اجعل لنا إلها" كما لهم آلهة !! قتلوا الأنبياء وجزوا رأس النبي يحيى !! وتآمروا على أخيهم النبي يوسف وكذبوا على نبيهم يعقوب واستخدموا دموع التماسيح!!
تاريخ أسود مشين جعل العالم يكرههم ولن أتحدث عن النازيين المجرمين بحق الألمان والعالم ولكن أتحدث عن هنري فورد الأمريكي صاحب شركة فورد للسيارات الذي كتب كتابا" بعنوان( اليهودي العالمي) بين فيه الجشع والطمع والخداع الذي يتحلون به . هل أتحدث عن دور مونيكا اليهودية تجاه كلنتون لما اراد الضغط على اسرائيل لتقبل بالسلام وفق قرارات الأمم المتحدة ؟ . هل أتحدث عن موقفهم من جارودي الفرنسي أم أتحدث عن كورت فالدهايم النمساوي أم أتحدث عن الانجليزي برنادوت أم عن البريطاني يوسف إسلام ؟!
أُقيمت لهم دولة ولكنها دولة العذاب حيث لا امن ولا استقرار بل تعيش عقدة اللص السارق الخائف منذ عام 1948 وحتى اليوم . هل يتذكر الإسرائيليون المجازر تجاه شعب فلسطين في قبية ودير ياسين والخليل والقدس وغزة وغيرها ، وتجاه اللبنانيين في قانا على يد مدعي السلام بيرس ؟ وتجاه المصريين في مدرسة بحر البقر ؟ وتجاه الأردنيين في قرى اربد والكرامة ؟
لن يصنع التاريخ نتنياهو وترمب فيما يسمونه صفقة القرن لأن السلام يقوم مع راغبي السلام ، أما من يريد فرض إرادته فلا يحلم بالسلام لان وثيقة السلام يكتبها طرفا المعادلة.
وأتحدث اليوم بلغة العرب الرسميين الذين اجمعوا على سلام في قمة بيروت مضمونه الأرض مقابل السلام ، أي أرض 1967 مقابل السلام الذي تعهدت به السعودية وعلى نطاق الدول الإسلامية وليس الغربية فحسب .أما السلام الذي يريده ترمب ونتنياهو هو السلام مقابل السلام وهذا لن يكون ، لان سلاما" بهذه الشكل هو صورة من صور الأزمة التي تصنعها إسرائيل لأبنائها وللعالم . أما نحن أمة العرب والمسلمين فليس عندنا ما نخسره ، ولكن لا يمكن منح اللص سلاما" وصكا"يبارك لهم ما سرقوه . حتى لو فرضوا سلامهم فهو السلام الهش الذي يشكل أزمة جديدة للإسرائيليين قبل أن يكون للفلسطينيين والأردنيين والعرب والمسلمين . وفي هذا السياق نقف مع موقف الملك عبدالله الرافض للقدس الموحدة عاصمةً لإسرائيل ، والرافض للعدول عن قرار فك الارتباط ، والرافض أن يكون الأردن وطنا" بديلا" بحال من الأحوال.