اليوم الدولي للتعليم (24/1)
د. عزت جرادات
26-01-2020 10:21 AM
*المشهد العالمي:
- الأيام الدولية ... مناسبات تحتفل بها (منظمة الأمم المتحدة) في ثنايا العام لتحريك المجتمعات لمراجعة الوضع لديها، وإيجاد الطرق للنهوض به نحو الأفضل، وأعلنت (المنظمة) يوم (24/1 – كانون الثاني) يومياً دولياً للتعليم، احتفاءاً بالدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلام والتنمية، وباعتباره حقا من حقوق الإنسان، وللصالح العام ومسؤولية مجتمعية عامة، وتبنى المجتمع الدولي (خطة التنمية المستدامة لعام (2030) والتي أكدت:
" أن التعليم ضروري لنجاح جميع أهداف الخطة، بتوفير تعليم جيد للجميع، وتعزيز فرصهِ مدى الحياة للمجتمعات بحلول عام 2030م".
- التعليم جوهر بناء (رأس المال البشري) وإذا ما تمّ تقديمه بشكل جيد، فسيكون العائد بالنفع، فردياً وإجتماعياً:
فردياً:يؤكد تقدير الذات، ويؤهل لفرص العمل، فيزيد الدخل الاقتصادي.
واجتماعياً: يسهم في تقوية المؤسسات، ويدفع بعجلة النمو الاقتصادي، فيحدّ من الفقر، ويحفز القدرات للابتكار.
ولكن التعليم، عالمياً، يواجه أزمة حادّة وجادّة، ففي حين تمكنت بعض الدول من زيادة فرص الوصول إلى التعليم والحصول عليه بيسرٍ وسهولة، إلا أن مجرّد الالتحاق بالتمدرس لا يعني تحقيق (مفهوم التعلّم)، فقد لا يكتسب المتعلمون المعارف والمهارات الأساسية الأولية: القراءة والكتابة والحساب والعلاقات الاجتماعية، وهي ما تسمى (المهارات الأربع، الأساسية للحياة)، هذا على فرضية تمكين الجميع ممن هم في سنَّ التعليم من الحصول عليه، فثمة ملايين الأطفال لم تتح لهم تلك الفرص التعليمية، وإذا ما أتيحت، فقد لا يحقق المستوى النوعي في حدّه الأدنى، فقد أعلنت اليونسكو عام (2019)، وعلى سبيل المثال، أن هناك (617) ستماية وسبعة عشر مليون طفل على مستوى العالم، لا يتمكنون أو لا يستطيعون القراءة والحساب.
- أن أزمة (التعلّم) عالمياً، هي في جوهرها أزمة (تعليم) ويمثل (المعلم) بشكل خاص، المرتكز الأساسي في عملية (التعلّم والتعليم)، وهو العامل الأساسي للتغلّب على الأزمة، والمحرّك الأكثر فعالية لقدرات المتعلمين، فتحقق المعادلة: (معلمون ناجحون- طلاب ناجحون).
- وأدركت الدول التي حققت تقدماً في التعليم تلك الحقيقة، فاهتمت بالمعلم من حيث: أعداده وتأهيله وتدريبه من جهة، وتوفير الدعم المعنوي والمادي اللذين يوفران للمعلم مكانة مجتمعية وامتيازات مادية راقية، وهو ما يعرف (بالاستثمار في المعلم... هو أداة للاستثمار في التعليم واستثمار في المستقبل)، من جهة أخرى.
- لقد احتلت (5) خمس دول: كوريا الجنوبية، واليانان، وسنغافورة وهونج كونخ وفنلندا، أوائل الأنظمة التربوية الأفضل عالمياً في التعليم لعام (2019) وفق عمليات دولية معتمدة:
- اعتبرت تلك الدول الفرد/ المواطن، غاية في ذاته، له شخصيته وكيانه وقيمته؛ وبما يتمتع به من حرية واهتمام ورعاية شاملة، وبما يتاح له من فرص تساعد في تحقيق آماله وطموحاته، ولتمكينه من تنمية قدراته ومهاراته مما يدفعه إلى التنافس الهادف إلى رقي مجتمعة وازدهاره.
- وبدوره، يتيح المجتمع في تلك الدول تهيئة المناخ المناسب لنمو الأفراد نمواً شاملاً وسليماً يعزز حوافزه للإنتاج والإبداع، بروح التشاركية، في ظل مجتمع تسوده قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
- واعتمدت تلك الدول المدرسة الوحدة الأساسية في التنشئة الاجتماعية، وإعادة صوغ الشخصية، هوية وانتماءاً ومواطنة، فأسهمت ما يعرف (بالمدرسة الذكية) في نظمها التربوية في تلك النهضة: بما وفرته من معلمين ذوي كفاءة عالية وامتيازات معنوية ومادية، وتكنولوجيات متطورة، وبرامج رقمية في مناهجها...
- أن إصلاح التعليم أشبه (بلعبة أو مهمة طويلة تستحق العناء) إذا ما أريد للمجتمعات تفعيل دور التعليم في مجتمعات دائمة التعلّم في منظومة ثلاثية:
(الاستثمار في المعلم، وفي التعليم، وفي المستقبل)