الصفقة الوشيكة .. ليست مسؤولية الأردن وحده
فهد الخيطان
26-01-2020 01:06 AM
استبق الأردن الإعلان الأميركي المقرر عن خطة السلام “صفقة القرن” منتصف الأسبوع الحالي، بخطاب سياسي يذكر الجميع بثوابت الموقف الأردني التي طالما رددها في المحافل الدولية، وعنوانها الرئيسي، السلام كخيار استراتيجي، وفق مبادئ الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
ومن هذا المنطلق عبر وزير الخارجية أيمن الصفدي في مقابلته الأخيرة مع وكالة الأنباء الأردنية عن رفض الأردن لجميع الخطوات الأحادية من جانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي، محذرا من أن إقدام إسرائيل على ضم وادي الأردن وشمال البحر الميت، خطوة “تنسف الأسس التي قامت عليها العملية السلمية، وتقتل حل الدولتين، وبالتالي ستنهي فرص تحقيق السلام”.
الخطة الأميركية المنوي طرحها بعد أيام تتجاهل وفق تقديرات معتبرة وتسريبات مؤكدة نشرتها الصحافة الإسرائيلية، مبادئ القانون الدولي التي حكمت الصراع العربي الإسرائيلي. والأخطر من ذلك أنها تمنح الجانب الإسرائيلي “المحتل” حق التصرف دون انتظار مفاوضات مع الجانب الفلسطيني. المطلوب من الفلسطينيين وفق الخطة أن يوافقوا على المكتسبات الهائلة للطرف المحتل والقبول بالفتات.
السلطة الفلسطينية أعلنت في وقت مبكر رفض الصفقة، حتى قبل إعلانها، لكن إدارة ترامب تراهن على أن الجانب الفلسطيني سيعود ولو بعد حين للتفاوض حول العرض الاميركي حتى لا يخسر كل شيء.
الإدارة الأميركية تعلم جيدا الموقف الأردني، القائم على التمسك بخيار حل الدولتين، وهي تحترم هذا الموقف وإن كانت تقف على النقيض منه حاليا. وإزاء هذه المعطيات، لن تدخل في جدال طويل مع عمان حول ما يمكن أن تفعله بعد إعلان الصفقة.
لكن ينبغي علينا أردنيا أن نعرف حدود الدور الذي يمكن أن نلعبه في مواجهة السيناريوهات المقبلة. المواجهة مع الإدارة الأميركية خسارة صافية للأردن، في ضوء موقف عربي ضعيف ومتهالك، لا بل استعداد جدي للتعاطي مع مخرجات الصفقة على اكثر من مستوى.
الأولوية هي التمسك بثوابت الحل العادل للصراع، والحفاظ على المصالح الحيوية للدولة الأردنية، والبحث عربيا في السبل الكفيلة بدعم الخيار الوطني الفلسطيني. وعلى هذا المستوى يتعين على القوى الوطنية الفلسطينية أن تعلن فور إطلاق الخطة الأميركية عن نبذ خلافاتها والالتفاف حول وحدة الهدف الفلسطيني، وتشكيل جبهة وطنية موحدة تخاطب العالم بصوت فلسطيني واحد، وتتقدم لعمقها العربي ببرنامج عمل للمرحلة المقبلة.
لا يمكن للفلسطينيين مقاومة خطة التصفية لقضيتهم وهم منقسمون على هذا النحو.
ثمة قوى دولية وازنة ترفض المقاربة الأميركية، ينبغي الاشتباك معها وتحفيزها على إظهار موقفها بقوة وشجاعة. الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين ودول إسلامية بارزة وذات ثقل تقف إلى جانب الحق العربي والفلسطيني، يجب حشدها في المواجهة.
لا يجوز أن نخضع في الأردن للمزايدة والنفاق السياسي، ونتحمل وحدنا كلفة الفشل العربي والانقسام الفلسطيني. لقد تكلفنا من قبل النتائج المدمرة لهزيمة الأمة العربية في صراعنا مع العدو، وحان الوقت ليتحمل الجميع مسؤولياتهم؛ العرب قبل الأردنيين والأردن.
المرحلة المقبلة حافلة بالتحديات والصعاب في الشرق الأوسط علينا ألا ننسى الأردن في غمرة هذه الأحداث.
(الغد)