أما آن الأوان لهؤلاء أن يكفوا
أ.د. اسماعيل الزيود
24-01-2020 07:38 PM
قد يكتب المرء منا في هذا السياق بعناوين عديده وقد نتناول الأمر ذاته في سياقات مختلفة إلا أن ما يجمعها على اختلاق طرق عرضها ذلك الاتفاق على أنه السلوك السلبي الممنهج لغايات فردية ضيقة حيث أصبح وسيلة البعض ممن يقدموا نفسهم أوصياء ومرجعيات يبعوننا صحوك الغفران مستخدمين كافة السبل والطرق والأدوات لتحقيق غاياتهم مهما كان الثمن. ففي ظل الرغبة العامة للسواد الأعظم نحو تعزيز دولة القانون والمؤسسات وتعزيز تكافؤ الفرص وتقزيم وصهر كافة الولاءات في الولاء والإنتماء للوطن الواحد تجد أن هناك من يسعى إلى إذكاء ولاءات في بوتقات ومرجعيات مختلفة على حساب الولاء للوطن.
لقد سلك هؤلاء هذا الطريق المليء بالقفز الذي يخلوا من أي قيم أو معايير أو مبادئ ولم يكفوا عنه فقد وجدوا في ذلك باب للإسترزاق والاستنفاع فتمثل ذلك بأوجه متعددة فتجده تارة بطابع اجتماعي وبطابع سياسي وديني تارات أخرى والخاسر الأول والأخير هو الوطن ذلك باستغلال الضعفاء البسطاء من أهله باستخدامهم وتوظيفهم فتراهم يركبون نهج دغدغة العواطف بإسم الدين أو الجهة أو المنطقة أو العشيرة والأصل والفصل وغيرها.
إن ن مشكلتنا الحقيقية اليوم تكمن في واقع نلمسه كل يوم في جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهي الإسترزاق والاستنفاع أو (المسترزقين والمتنفعين)، وهؤلاء هم من يركبون الموج وهم من ينصبون أنفسهم بأنهم عرابوا كل المراحل وحدهم الذين يحملون عبء المصلحة كمرجعيات امتطوا واستفادوا من ذلك على حساب الوطن و البسطاء الذين لا يدركوا ما يجري فقط يلمسوا دغدغة للعواطف الجياشة ولا يكادوا يلمسوا إلا كلام معسولا وكأنهم أدوات مستغلة لتحقيق غايات لهؤلاء المتنفعين.
إنك قد تجد صور المستفيدون من التفتيت والتقسيم وفقا لاعتبارات معينة وجدوا لهم فيها مدخل للاسترزاق وبئر نفط لا ينضب أبدا. لذلك هم ماضون فهم وحدهم الذين يكسبون على حساب التفتيت للوحدة الوطنية وتقسيم البلاد والعباد.
غهناك تجار الدين الذين يعتقدون أنهم أوصياء عليه وعلينا وأنه بدونهم تضيع الدنيا وهناك المستفيدون وتجار القبلية وهم من يمتطون رداء العشيرة وعباءتها مرددين أن العشيرة والقبيلة تضيع وتتيه دون وجودهم فهم المرجعيات لها ولكن في حقيقية الأمر مصالحهم وحدها هي التي تتقدم وليس أي مصلحة أخرى سواها.
وهناك تجار الجهوية والمناطقية وهؤلاء يوسعون الدائرة أكثر فأكثر ليعكسوا أنفسهم على امتداد المحافظة لا بل إن أتيح لهم المجال ينصّبون أنفسهم أوصياء على محافظات وجهات بأكملها.
ومن الضروري هنا أيضاً الوقوف عند من هم أشد خطراً وهم تجار الأصول والمنابت والأثنينة والعرقية وهؤلاء أيضا لا يقل خطرهم بل هم أشد فتكا فهم يشعرون الجماعة دوماً في حالة من عدم الإستقرار والثبات والانصهار والإندماج في المجتمع، ذلك أنه بدونهم ستصبح الحقوق ضائعة في مهب الريح وسيتم إنهاء وجودهم والقضاء عليهم. إنهم يصفون الحال بغير حقيقته والواقع بغير ما هو عليه لتبقى مكانتهم في المقدمة، وكأن الأمر حرب داحس والغبراء ولولا وجودهم وصكوك الغفران الخاصة التي يقدمونها للبسطاء وبركات هؤلاء لاستحال الحياة للبعض.
مما سبق أعلاه اقول هي إرهاصات اسكنوها في عقول بعض العامة من البسطاء عنوانها التخويف والقلق المستمر من الحاضر المعاش متبوع بتخويف وتخوين لكل الأطراف من المستقبل وماذا ينتظرهم وذلك كله من أجل تعزيز وجودهم كمرجعيات دينية اجتماعية سياسية منقذين وهم في الحقيقة وحدهم المستفيدون لا غيرهم.
إن كل ما ذكرتهم أعلاه قد اقنعوا الأفراد والجماعات والجهات والطوائف والمجتمع بأكمله أن لا حياة بدونهم ولا مستقبل للشباب بعيد عنهم لا بل أن تشكيكيهم وصل إلى الوطن كله دون بصماتهم.
على كل حال لا بدّ من أن ننتبه إلى أن مثل هذه الأعمال التفكيكية التي أصبحت ديدن البعض ضد المجتمع والوطن انها هي البراغماتية الفردية التي لم تعد تنطلي على أحد. إنك قد تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت ولكنك لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت. أن الأردن واحد لا يقبل القسمة ولا نقبل دوما إلا بإستقرار ووحدة وتماسك جبهته الداخلية ونعتز ونفخر بأن حبانا الله بقيادة هاشمية حكيمة واعية مدركة للواقع مستشرفة للمستقبل. حمى الله البلاد والعباد وحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين.