كل شيء للبيع .. حتى الدول !
رشاد ابو داود
24-01-2020 01:11 AM
عدا عن الايجار والاستئجار تحت مسميات مختلفة فان بعض الدول باعت اراضيها تحت ضغط ظروف مالية صعبة . ليس الاراضي فقط بل الجنسيات ايضاً . لم لا ، طالما أن الصراع على الارض من عمر الانسان ، وان الحروب من اجل حفنة تراب أو رزمة دولارات ..لن تتوقف.
فقد اشترت اميركا ولاية الاسكا من روسيا العام 1867 بسبعة ملايين و200 الف دولار ، والجزر العذراء من الدنمارك العام 1916 بـ25 مليون دولار ، ولويزيانا الفرنسية من فرنسا العام 1803 بـ 16 مليون دولار .كما اشترت تكساس وكاليفورنيا من المكسيك العام 1848 بـ 15 مليون دولار و جنوب اريزونا وجنوب غرب نيومكسيكو من المكسيك ايضاً العام 1845 بـ10 ملايين دولار.
العام الماضي فاجأ الرئيس ترامب ادارته بقوله إنه يرغب بشراء جزيرة غرينلاند من الحكومة الدنماركية. لكن زعماء الدنمارك وحكومة غرينلاند ذات الحكم الذاتي اعلنوا الأمر بوضوح، وهو أن أكبر جزيرة في العالم ليست للبيع.
السر وراء رغبته تلك ،عدا عقليته التجارية الفجة وشعاره «ادفع»، هو أن غرينلاند هي إحدى أقل مناطق العالم من ناحية الكثافة السكانية، بتعداد سكاني يتجاوز 56 ألف نسمة بقليل، على مساحة أكبر بثلاث مرات من مساحة ولاية تكساس.
والجزيرة مكان ليس من السهل الاقامة فيه حيث يغطي الثلج 80% منها، ويصل سمك الغطاء الجليدي إلى ميلين (3.2 كيلومتر)، وتصل درجة الحرارة عادة إلى أقل من 20 درجة فهرنهايت تحت الصفر في أشهر الشتاء المظلمة.
تمتد علاقة غرينلاند بالدنمارك إلى آلاف السنين في الماضي، وأصبحت الجزيرة رسمياً جزءاً من مملكة الدنمارك في عشرينيات القرن العشرين. ومنحت الحكم الذاتي في عام 1979 والآن تعتبر منطقة مستقلة في مملكة الدنمارك. تختص الحكومة الدنماركية بالشؤون الخارجية، والدفاع القومي، لكن حكومة غرينلاند تتحكم في أي شيء آخر، مثل إدارة ثرواتها المعدنية.
وربما كان وراء رغبة ترامب سبب آخر حيث اكتشف جيولوجيون رواسب معدنية نادرة أسفل الغطاء الجليدي لغرينلاند، ومن بينها مكان بالقرب من بلدة نارساك التي تضم ما يقدر بحوالي 11 مليون طن متري من المعادن. وهذا يجعلها واحدة من أكبر الأماكن في العالم تخزيناً للمعادن النادرة خارج الصين. ايضاً ربما يكون لدى الجزيرة احتياطي من النفط والغاز بالقرب من شواطئها، لكن هذه الموارد لم تُطور حتى الآن.
ماذا عن سوق الجنسيات ؟.
تعمد بعض الدول الى بيع جنسياتها كمصدر للدخل . وتحدد سعر وشروط الجنسية حسب مصالحها . أما المشتري فانه يكسب حياة حرة ان كان مضطهداً في بلده ويتمتع بما يتمتع به ابناء البلد من تعليم وعناية صحية ورفاهية وغيرها .اضافة الى تمكنه من زيارة اكبر عدد من الدول بدون تاشيرة .
اسعار الجنسيات تختلف ، اذ تاتي فرنسا كأغلى سعر عشرة ملايين دولار كذلك النمسا و سويسرا . الولايات المتحدة مليون دولار في المدن الكبرى ونصف مليون في بقية المناطق. وتنخفض الاسعار الى 100 الف دولار لجنسية الدومينيكان في الكاريبي و 65 الف للبرازيل . أما الارخص فهي جنسية الباراغواي 5 آلاف دولار.
على الجانب الآخر من الصورة ثمة رؤساء دول يضحون بامتيازاتهم لمساعدة دولهم . فقد عرض الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الطائرة الرئاسية التي تعرف بـ»الفيل الأبيض»، للبيع باعتبارها جزءا من برنامجه «التقشفي».
يذكر أن مصطلح «الفيل الأبيض» يستخدم في الاقتصاد للدلالة على ملكية لا يمكن لصاحبها التخلص منها بسبب تكلفتها العالية ولا سيما صيانتها.
كان أوبرادور يأمل في أن توفر عملية بيع الطائرة الكثير من الأموال من أجل دعم برامج مكافحة الفقر في بلاده، حيث بادر بنفسه إلى اختيار السفر على الدرجة السياحية في رحلات تجارية منتظمة، وتخفيض رحلات السفر إلى الخارج، كما منع الرئيس أعضاء حكومته من القيام برحلات في الطائرات المملوكة للدولة.
الا انه لسوء حظه لم يشتر احد الطائرة الرئاسية، وهي من طراز بوينغ دريم لاينر وستعاد إلى المكسيك بعد عام من عرضها للبيع في الولايات المتحدة، حيث تراكمت تكاليف صيانتها لتصل إلى 1.5 مليون دولار.
وحسب «الغارديان « أعلن أوبرادور عن سلسلة من المزادات التي ستبيع ما مجموعه 39 طائرة مروحية مملوكة للحكومة، و33 طائرة تنفيذية وطائرة صغيرة. وعرضت الحكومة المكسيكية 19 طائرة و9 مروحيات للبيع في الجولة الأولى من المزادات، على أمل أن تجمع أكثر من مليار دولار.
العالم لم يعد «قرية صغيرة» بفعل الشبكة العنكبوتية، وهو المصطلح الذي كان أول من استخدمه العالم الكندي مارشال ، بل سوبر ماركت كبير تعرض فيه الدول كل شيء للبيع حتى.. نفسها !!
الدستور