زحف العروبة .. بين الامس واليوم
أمل محي الدين الكردي
23-01-2020 10:23 PM
صاحب هذا الكتاب سياسي نشيط جريء يرفع صوته عالياً بما يؤمن وهذا ما قرأته في كتابه وجدته كأنه "مانيفستو"يحمل بطياته بذور نهضوية يطالب بوحدة الدول العربية لنصرة القضية الفلسطينية ،قضية العرب الأولى وكان حريص بالتعبير بعاطفة مندفعة .
هذا الكتاب والذي صدر في عام 1961م بالانكليزية ثم بالعربية والكتاب في ثلاث اقسام .أما القسم الاول العرب والأمس نجد استعراضاً لتاريخ العرب منذ عصر ما قبل الاسلام حتى قيام حلف بغداد واظن ان غرض المؤلف من هذا الباب هو توصيل رسالة للغرب إن للعرب ماض حافل وانهم اسهموا في إغناء الثرات الانساني فهم ليس الشعب المتاخر الذي يظنون واعتزاز بماضي الامة وتعليلات معقولة لبعض مظاهر الحياة الاسلامية التي ياخذها الغرب على العرب ومنها ايضاً نظرة الى القومية العربية نظرة علمية وربطها بالقوميات التي نشأت في اوروبا في القرن التاسع عشر.
وعندما يصل الكاتب الى تاريخنا الحديث مع الغرب يبذل جهداً في بيان ما اقترف الغرب من آثام نحو العرب وكيف ان تاريخه معنا تميز بالخداع والبطش حينا آخر، وفي الباب نفسه ان القومية في مصر كانت في اواخر القرن التاسع عشر ووائل القرن العشرين اسلامية مصرية ضد بريطانية المستعمرة.
أما في بلاد الشام فقد كانت قومية عربية لانها كانت قومية عربية لانها كانت موجهة ضد الدولة العثمانية المتحكمة في البلاد العربية تسلبها خيراتها لقد كان الاتجاه في مصر وبلاد الشام مختلفين لأن الظروف كانت تقتضي مثل هذا الاختلاف، واشعلت نار الحرب العالمية الأولى وقامت الثورة العربية في شهر حزيران 1916م وكان من اثرها ان تجمد نحو ثلاثين الف جندي تركي على طول سكة الحديد من عمان الى المدينة المنورة ..وكان من تأثير بسالتهم (العرب) أن وقف مفعول الدعاية الالمانية في الاقطار الاسلامية ... ولكن هناك سبب اعمق من هذا هو الذي جعل بريطانيا حريصة على قيام العرب بثورة تناصرها :لقد كانت لها مستعمرات اسلامية مترامية وكان كثير من جنودها من المسلمين خاصة من الهند وكان الانجليز يخشون أن يتأثر رعاياهم المسلمون بنداء الجهاد الذي وجهه الخليفة العثماني كما كانوا يخشون ان تضطرهم ظروف الحرب الى دخول الاماكن المقدسة في الحجاز مما كان سيوقعهم في اشكال مع رعاياهم المسلمين .لهذا السبب ايضاً كان يهم بريطانيا أن تكون الحجاز بجانبها في الحرب .
أما الباب الثاني العرب اليوم باعتراف واقعي لطيف وهو ان المشكوك فيه ان يكون ثمة كتاب تناول شوؤن الحياة الجارية في العالم العربي دون ان تتخطاه الاحداث قبل نشره وهذا القول صحيح .والبستاني يؤمن ان العرب مستعدون للتفاهم مع الغرب اذا خطا الغرب خطوة نحو هذا التفاهم وعلى كل حال فإن المؤلف يرى ان التفاهم بين العرب والغرب، ومن ممكن اذا تعاون العرب والغرب على حل المشاكل المعلقة بينهما وهي فلسطين والجزائر وعمان ومحميات عدن.
وحديث المؤلف عن فلسطين واسرائيل جدير بالتأمل فهو يرى أن كل عربي يؤمن ان اسرائيل لا تزال فلسطين وفلسطين لا بد عائدة الى الوطن الام والى وأهلها ويرى صرخات العرب الداعية الى القضاء على اسرائيل ويرى صرخات العرب الداعية الى القضاء على اسرائيل.
ويقترح لحل قضية عمان ومحميات عدن ان تتباحث بريطانيا مع الجامعة العربية للاتفاق على حل وخبر حل هو ان تعقد الجامعة العربية وبريطانيا اتفاقاً تتوليان بموجبه الوصاية المشتركة على الاراضي العربية من عدن الى المحميات الساحلية خلال مدة يمكن ان تبلغ العشر سنوات مثلاً تضمنان من بعدها الاستقلال التام لاهالي تلك البلاد.
أما القسم الثالث بين للغرب ان تفاهمهم مع العرب في صالحه ورسم طريقاً الى التفاهم ومؤكدا على ذلك وموضحاً للغرب ما سيجنى من فوائد والعرب كذلك، ووضح ان مشكلة العالم العربي هي البون الشاسع بين من يملكون ومن لا يملكون مما يجعل المنطقة ارضاً صالحة للانتشار الشيوعية وان كان يعود ليؤكد ان العرب لهم من دينهم ما يجعلهم ينفرون منها ترى الم تكن روسيا متدينة اشد التدين عندما قامت الثورة البلشفية ؟!.
ويرى ان على الغرب ان يساهم في تطوير المنطقة اقتصادياً بالاشتراك مع الدول الغنية .وهذا هو الكتاب الذي حمل افكاراً كثيرة سواء وافقنا عليها ام رفضناها وهو كتاب جدير بالنظر الجاد.
بقي ان نذكر بأن البستاني يرى الشرق اهم منطقة استراتيجية في العالم ما ابعد اليوم عن الامس عندما ننظر الى اوضاعنا ذاتها من خلال شخص وتطلعاته.