المفروض أن يكون الوزراء فريقا متناغما، يعمل باتجاه واحد بقدر من الانسجام، بحيث تصب جميع الجهود في تحقيق الأهداف المرسومة بأقل قدر من الاحتكاك أو الشد العكسي.
لكن الانسجام الكامل صعب التحقيق في غياب الانتماء الحزبي، فالوزراء أفراد، لكل منهم قناعاته واتجاهاته التي قد لا تتطابق تماما مع قناعات واتجاهات وزير آخر جاء من خلفية مختلفة.
التنسيق بين الوزراء مهمة تقع على كاهل الرئيس، فهو الذي يحدد الاتجاه عندما تتعدد الاجتهادات، ويحسم الخلافات في مهدها فلا يتركها تتفاقم وتشل العمل.
قدر من الاحتكاك بين الوزراء صحي ولا بد منه، وخاصة عندما تتداخل الصلاحيات ويعتقد وزير أن زميلا يحاول (الاعتداء) على اختصاصه.
في حالة الحكومة الحالية لا بد من قدر مقبول من الاحتكاك، فهناك نائب رئيس لن يفعل شيئا إذا لم يتدخل في اختصاصات وزراء آخرين، يؤمل أن يتقبلوا اجتهاداته بروح رياضية.
وهناك وزير لتطوير القطاع العام، الذي يعني بالتعريف تدخلا في إدارة وأسلوب عمل وزارات أخرى. كما أنه مسؤول عن المشاريع الكبرى وكل منها يخص وزارة معينة كالمياه أو الطاقة أو الصناعة أو النقل. مما يتطلب تعاون الوزراء ذوي العلاقة.
وزير التخطيط مثلا لن يحصر نفسه في تخطيط أعمال وزارته، فالتخطيط يشمل الوزارات جميعا كأجزاء من خطة عمل شاملة مما يتطلب التعاون مع جميع الوزراء الآخرين. وإذا كانت الحكومة سوف تسترشد بالأجندة الوطنية، فإن من واجب وزير التخطيط ترجمة سيناريوهات الأجندة إلى خطط عملية يقرها مجلس الوزراء وتنفذها الوزارات المختلفة.
إلى جانب تداخل الصلاحيات، هناك تباين لا بد منه في الاجتهادات، وهذا أمر صحي ويحل بالحوار وقبول الحسم الديمقراطي في مجلس الوزراء.
مسؤولية الوزراء جماعية، ولا يعفى الوزير من المسؤولية إذا عارض القرار في مجلس الوزراء، فعلية قبول قرار الأكثرية، وتحمل المسؤولية معهم، أو الاستقالة إذا كان الاختلاف يتعلق بقضية يعتبرها جوهرية.
الانسجام المطلق غير وارد وربما غير مطلوب، فمن المفيد أن يشهد مجلس الوزراء نقاشات ساخنة، وخاصة في القضايا المالية، وليس من الطبيعي أن تمر الموازنة العامة مثلا من مجلس الوزراء خلال عشر دقائق!.
الرأي