الرفاعي والمعشر ، اختلف الفعل واتحدت القيم
المهندس مصطفى الواكد
24-12-2009 07:21 PM
زيد الرفاعي ورجائي المعشر ، شخصيتان مرموقتان يعرفهما كل الأردنيين ، أحدهما قرر المغادرة والآخر قرر العودة ، فعلان مختلفان متضادان لكن الهدف منهما والعنوان لهما واحد وهو تغليب المصلحة الوطنية على ما سواها من كل متاع الدنيا ونعيمها الزائل ، فعندما يقرر دولة رئيس مجلس الأعيان مغادرة موقعه منعا لشبهة تحيز قد تطال السلطة التشريعية نتيجة تسلم الإبن رئاسة السلطة التنفيذية ، وعندما يتخلى الدكتور المعشر طواعية عن إدارة مشاريعه الخاصة التي يعرف الجميع مدى حاجتها إليه ومدى نجاحه في إدارتها ليعود نائبا لرئيس وزراء شاب بعمر أبنائه ليكون عونا له في تنفيذ أجندة ملكية مثقلة بالعمل مفعمة بالأمل ، فإنهما يقدمان درسا بالغ المعاني من رجال لم يترددوا يوما عن خدمة الدولة الأردنية بعيدا عن التمسك بألق المواقع الرسمية أو المصالح المادية .
يذكرنا ذلك بمصطلح قد غاب عن قاموسنا في بعض المراحل عندما تداخلت الوزارة والتجارة وأصبح الموقع العام في نظر البعض مجرد فرصة مشمشية للثراء السريع وتيسير الأعمال الخاصة والإستعلاء على بقية خلق الله ، يذكرنا ذلك بمصطلح رجال الدولة الذين كان يؤتى بهم من كل مدينة وقرية أردنية دون سعي منهم للفوز بلقب أو منفعة ، كانوا أغنياء القوم بما تزخر به نفوسهم من حب ووفاء للوطن و لولي الأمر فأخلصوا النية بالعمل وضربوا أمثلة في النزاهة يكاد يعجز عن تصديقها الخيال ، يذكرنا الرفاعي والمعشر بالكثيرين ممن أدركناهم من رجال الدولة أمثال وصفي التل وبهجت التلهوني رؤساء للحكومات وعلي مسمار وعبدالرحيم الواكد وموسى الساكت أعمدة القضاء وغيرهم الكثير الكثير ، يوم كانت النزاهة والاستقامة في أداء الواجب عنوانا للرجولة ومدعاة لأن يحترمك الآخرون ، دون النظر إلى ما تملك من أطيان وسيارات ، أدركناهم يوم كان راتب الوزير والقاضي بالكاد يكفي مصاريفه ومصاريف عائلته دون بذخ أو إسراف وتحت إمرته آلاف الدنانير من أموال الناس والدولة لا تراوده نفسه عنها حتى لو اضطر لاستدانة ثمن الدواء لأحد أبنائه . حينها كان الإنتماء والولاء ممارسة نعيشها في كل وقت دون أن نردد تلك المصطلحات أو يكررها على مسامعنا محاضر أو خطيب .
نتمنى أن يكون لنا في ما فعل الرجلان ذكرى تعيننا وتعين الحكومة الجديدة في أن نكون بمستوى الرغبة الملكية السامية بوقفة مراجعة تشكل إنطلاقة جديدة وفاعلة في صياغة مستقبل الأردن الأنموذج .
mustafawaked@hotmail.com