الامير الحسن بن طلال ومصطلح المستوطنات
عبدالله كنعان
20-01-2020 09:40 AM
يعتبر المصطلح أساساً مهماً في فهم الكثير من الجوانب والموضوعات فهو العنوان الذي يختصر بدلالته الكثير من الشروح، اضافة الى ان المصطلح في حقيقته يمكن ان نستنتج منه الكثير من التطورات، وفي مجال القضية الفلسطينية وجوهرها مدينة القدس. تعتبر المصلحات لها قيمة قانونية وسياسية وثقافية واعلامية يجب الالتفات اليها وعدم اغفالها، وعلينا بالتالي جميعاً في مجال الاعلام والابحاث والدبلوماسية أن نستخدم المصطلح الصحيح والدقيق الذي يعبر عن واقع الحالة المتصلة بفلسطين والقدس.
ومن المعروف أن صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال حفظه الله يولي العديد من القضايا والموضوعات العناية الفكرية التحليلية المعمقة، ويقف عند دلالة ومضمون المصطلح المستخدم فيها، ومن ذلك المصطلحات المرتبطة بالقضية الفلسطينية وجوهرها مدينة القدس. ومن هذه المصطلحات (الاستعمار) باعتباره جوهر المخطط الصهيوني فهو وسيلة استعمارية لابتلاع الاراضي وتفريغها من محتواها البشري الفلسطيني صاحب الحقوق التاريخية ويؤكد سموه على أن السياسة الاسرائيلية القائمة على الاستعمار (الاستيطان) تدلل بانها تتجه نحو تنفيذ مخططات احلالية وهو أمر يعززه بعض المواقف مثل تصريح (مايكل بومبيو) وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية المتعلق بان الادارة الامريكية لا ترى ان المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة مسألة غير قانونية، لنخلص لنتيجة سياسية منطقية وهي الانحياز الامريكي الواضح لاسرائيل ونتيجة اخرى قانونية وهي ان تصريحات بومبيو ليس لها وزن قانوني باعتبارها تخالف قرارا ت الشرعية الدولية.
ان الاعتماد الاستعماري الاحلالي الاسرائيلي على انشاء المستعمرات والبؤر الاستيطانية ومحاولة كسب المواقف المؤيدة لها، تتعارض مع ما اكده سمو الأمير الحسن وعبر العديد من اللقاءات والمقالات والمؤلفات العديدة التي تؤكد ان السياسة الاسرائيلية هي استعمارية بالدرجة الأولى وان هناك حق للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وأذكر جيداً وأنا ممن يتشرف بالعمل بمعية سمو الأمير الحسن بن طلال أنه كان وما زال يتابع بعناية أي تطور في فلسطين والقدس بشأن سياسة بناء المستعمرات التي باتت اليوم خلايا سرطانية فتاكة تفتت وحدة الأراضي الفلسطينية، واذكر ان سموه كان قد انشأ في مكتبه وحدة خاصة لمتابعة بناء المستعمرات وإعداد الخرائط الموضحة لها وبيان خطورتها على مستقبل السلام في المنطقة حيث كان يعرض هذه الخرائط ويستعملها في الشرح والإيضاح للوفود الرسمية والضيوف الذين يستقبلهم سموه من أجل توعيتهم بخطورة ما يجري في فلسطين والقدس من اعتداءات إسرائيلية، وليكسب تأييدهم ضد السياسة الإسرائيلية الاحتلالية التهويدية.
ان قراءة وتحليل مصطلح المستعمرات يتطلب الوقوف عند النقاط التالية:
أن قرارات المنظمات الدولية ومنها منظمة اليونسكو تناقش القضية الفلسطينية والقدس في جدول أعمالها تحت بند (فلسطين المحتلة).
عرّفت الشرعية الدولية ومن خلال العديد من قراراتها إسرائيل بأنها (السلطة القائمة بالاحتلال) أو (القوة المحتلة).
أن معظم القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والخاصة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وفي الجولان السوري المحتل تصدر عن اللجنة الرابعة واسمها لجنة المسائل السياسية وإنهاء الاستعمار وهذا يؤكد أنها مستعمرات.
صدر أكثر من ( 800 ) قرار خاص بفلسطين والقدس عن الجمعية العامة ومجلس الأمن ومنظمة اليونسكو والمنظمات التابعة لهم وجميعها تؤكد أن لا حق لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتطالبها بإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان والالتزام بالقرارات الشرعية الدولية. أن النقاط السابقة والتي ذكرتها بشكل موجز تدلل على أن مصطلح المستعمرات يتطابق قانونياً وسياسياً وتاريخياً مع واقع الحال.
وفي سياق التأكيد على دورنا جميعاً في التوعية بمضامين وإبعاد القضية الفلسطينية وجوهرها مدينة القدس أود الإشارة إلى أن اللجنة الملكية لشؤون القدس ومن منطلق عملها المستند على الدور الأردني والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ترصد أخبار وواقع القدس في الصحافة المحلية والعربية والعالمية في تقرير يومي يوزع منه ورقياً والكترونياً حوالي (250) ألف نسخه محلياً ودولياً، إضافة إلى إصدار عدد من الكتب والكتيبات زادت عن حوالي (60) إصداراً، وتحتوي مكتبة اللجنة أيضاً على أكثر من (5) الاف كتاب حول القدس والقضية الفلسطينية، وقد صدر مؤخراً في عام 2019م عن اللجنة الملكية لشؤون القدس كتاب بعنوان (المستعمرات "المستوطنات" اليهودية والبؤر الاستيطانية في القدس المحتلة)، ناقش السياسة الإسرائيلية المتعلقة بالمستعمرات والأساليب والقوانين العنصرية التي تعتمدها لتفعيل وزيادة وتيرة الاستيطان، كما رصد الكتاب كامل أسماء المستعمرات والبؤر الاستيطانية في مدينة القدس مع الإشارة إلى تفاصيل تتعلق بعدد المستعمرين وذكر أسماء القرى العربية والتي دمرتها إسرائيل وطمست هويتها لتبني مكانها مستعمرات غير قانونية وغير شرعية.
ان الموقف الاردني الثابت تجاه فلسطين والقدس والمنطلق من الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس والمتمثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين تتمحور في المطالبة بالزام اسرائيل بقرارات الشرعية الدولية واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م.
وجلالته على الدوام يحمل ملف القضية الفلسطينية اينما حل ليضع الرأي العام العالمي ومراكز القرار السياسي الدولية بحقيقة ما يجري في الشرق الاوسط من تداعيات وابعاد واثرها على تحقيق السلام العالمي المنشود بالأخص التطورات الجارية على قضية فلسطين والقدس، مؤكدا على ان القدس خط احمر وان لا تنازل عنها مهما بلغ الثمن وكانت التضحيات والتحديات والضغوط، مطالباً العالم بضروروة حل هذه القضية باعتبار الاحتلال مأساة اخلاقية عالمية، ليسود الامن والسلام الدوليين.
امين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس