ثمة توافق بين شريحة واسعة من النخب أن اكبر تحدٍّ يواجه الحكومات الأردنية هو الاقتصادي، وبما أن عقد الحكومة الجديدة قد اكتمل وبدأت أولى جلسات مجلس الوزراء، فان الحكومة وُضعت في اختبارها الأول والأكثر حساسية وخطورة على مستقبل مسيرتها.
بحسب تصريحات أدلى بها وزير المالية للزميل يوسف ضمرة ونشرت في "الغد"، فإن عنوان المرحلة المقبلة للحكومة يتمثل في معالجة العجز في الموازنة العامة والمديونية وتخفيض نسبتهما من الناتج المحلي الإجمالي.
وبالرغم من الحديث عن الخطط والآليات التي سيتم اتخاذها للتعامل مع ملفي العجز والمديونية، إلا أن قيمة المديونية زادت من 8550 مليون دينار في نهاية العام 2008 إلى 9500 مليون دينار حاليا، أي بواقع 950 مليون دينار وهي صورة لعجز الموازنة.
وفي السياق نفسه، وبحسب التقرير، فقد طرأ ارتفاع على الدين الداخلي بالمقارنة بمستواه في نهاية العام 2007 نتيجة استخدام حوالي 1.5 بليون دولار من رصيد عوائد التخاصية الذي كان يسهم في تخفيض صافي الدين الداخلي، في تسديد صفقة الشراء المبكر لديون نادي باريس، الأمر الذي يرجع الانخفاض الذي طرأ على رصيد الدين الخارجي، إلى زيادة صافي الدين الداخلي.
البرامج السابقة، التي تم وضعها لتخطي أزمة المديونية، فشلت فشلا ذريعا في كبح جماح تلك الأزمة، التي من المؤكد أنها، ضمن المعطيات الحالية وانكماش الاقتصاد العالمي والمحلي، لا تبشر بوجود حلول سريعة لتفاقم تلك الأزمة.
لن يكون مفتاح حل الأزمة من خلال قانون ضريبة الدخل، الذي تقدمت به الحكومة السابقة لمجلس النواب السابق، والذي جوبه بالرفض من قبل العديد من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المتضررة منه، وبالاستحسان من قبل قطاعات أخرى وجدت في المشروع مصلحة لها، كان قي مقدمتها القطاع المصرفي الذي حظي بتخفيض على نسبة ضريبة دخله بلغت 10 % (من 35 % إلى 25 %).
الحجج التي أوردها بعض المسؤولين الحكوميين السابقين للزميل يوسف، في حال وضع قانون ضريبة الدخل موضع التنفيذ سيزيد إيرادات الحكومة، واستندت الحكومة السابقة في إصرارها على المضي قدما في هذا القانون إلى أمرين هما؛ أن القانون الجديد يقلص الإعفاءات التي يقدمها القانون الساري حاليا، بالإضافة إلى كونه يحد من التهرب الضريبي، ما ينعكس إيجابا على تحسين الإدارة المالية في البلاد!
الاختبار الحقيقي أمام الحكومة الحالية يستدعي إعادة النظر في مثل هذا القانون، فالتعديلات الحكومية التي اقترحتها الحكومة السابقة على مشروع قانون الضريبة لن تحقق الإصلاحات الاقتصادية، فزيادة الضرائب ستزيد العبء بدلا من تخفيفه، الأمر الذي سيدفع بشكل عكسي إلى زيادة معدلات البطالة والفقر.
وإذا كان سوء توزيع الثروة والدخل وصل إلى حد تركيز الثروة والدخل في أيدي عدد محدود من المؤسسات والعائلات والأفراد (500 مكلف، يدفعون 75 % من قيمة الضرائب المحصلة) فهل يكون الاستنتاج هو تخفيض الضريبة عن الأثرياء، وتحميل عبء التخفيض للفقراء والمعدمين والبقية الباقية من الطبقة الوسطى!
jihad.almheisen@alghad.jo
الغد