التوريث .. اخطر ما يكون على حكومة الرفاعي
23-12-2009 02:14 AM
مناصب متقدمة في القطاع العام صارت حكرا على ابناء المسؤولين واصحاب النفوذ
يؤمن 52% من الرأي العام الاردني »العينة الوطنية« بقدرة حكومة سمير الرفاعي على تحقيق »مبدأ تكافؤ الفرص والشفافية في التعيين والترقية في القطاع العام« وفق نتائج الاستطلاع الاخير لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية.
النسبة متواضعة قليلا, وذلك مبرر من طرف المواطنين قياسا الى تجاربهم مع حكومات سابقة وعدت بالالتزام بمبدأ الفرص المتساوية لكنها خالفت في التطبيق.
حكومة الرفاعي مثل اي حكومة جديدة ستجري تعيينات ومناقلات واحالات الى التقاعد سعيا للوصول الى فريق حكومي قادر على تنفيذ سياساتها. في دول مثل الاردن لا توجد معايير سياسية للاختيار كما هو الحال في البلدان الديمقراطية التي يتولى المناصب فيها, وعلى كل المستويات اعضاء الحزب الفائز في الانتخابات, فيما يغادر مواقع المسؤولية رجال الحزب الخاسر, ولهذا يترك امر التعيين الى تقدير رئيس الوزراء ومجلس الوزراء, وفي زمن حكومات سابقة استخدم مسؤولون هذه السلطة على نحو يخدم مصلحة الاقارب والاصدقاء والمعارف. ومع مرور الوقت تحولت »الواسطة« الى نظام معتمد لاختيار من يشغلون الوظائف العليا في الدولة, وتوسعت القاعدة لتشمل الوظائف الصغيرة, وصار لدى معظم الاردنيين شعور بان من لا يملك واسطة من يحصل على وظيفة حكومية, ويندر ان تجد مواطنا لا يشكو غياب العدالة في التعيينات.
وما يزيد من الشعور بالمرارة استفحال ظاهرة التوريث في المناصب العليا والوظائف المتقدمة وهو شكل متقدم من الواسطة يحصل »الابناء« بموجبه على الوظائف العليا لمجرد ان آباءهم تقلدوا مواقع عليا في الدولة.
وفي السنوات الاخيرة صارت لدينا فئة موظفين كاملة متكاملة من ابناء المسؤولين.
واصبحت العشرات من المواقع حكرا عليهم تمنح لهم من دون غيرهم ويتبادلونها فيما بينهم وما ان يغادر احدهم موقعا حتى يجد البديل جاهزا. واذا لم يتوفر موقع شاغر فالبديل جاهز, مستشار هنا, أوهناك لحين تجهيز موقع مرموق.
الحكومات المتعاقبة كرست هذا التقليد الذي بدأ بالمناصب الوزارية وتوسع ليشمل معظم المواقع القيادية في القطاع العام والقطاع الخاص احيانا الذي تداخل مع مؤسسات الدولة في لعبة المصالح.
رئيس الوزراء الحالي بدأ عمله وسط اسئلة تتعلق بالتوريث غير ان هذا »المأخذ« تراجع الحديث بشأنه بعد استقالة والده من موقعه وسلسلة التصريحات التي اطلقها مؤخرا التي اكد فيها التزام حكومته بمبادئ العدالة والمساواة في الفرص واحترام القوانين وتفيد معلومات »الرئاسة« ان النية تتجه لتشكيل لجنة خاصة بالتعيينات لضمان تطبيق معايير النزاهة والشفافية والتنافس العادل بعيدا عن التوريث والتنفيع وكل اشكال الواسطة, لكن الايام الاولى من عمر الحكومة تظهر ان ماكينة التوريث ما زالت قادرة على انتاج مديرين ومستشارين جرى اختيارهم لمواقع في الدوار الرابع وخارج العاصمة والحبل على الجرار.
هذه السياسة ليست في مصلحة حكومة الرفاعي وستجعل الناس يتذكرون امر التوريث فيما هم يحاولون تجاوزه.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم.