"قصة أصفار الجامعة الهاشمية"!
أ.د عبدالباسط الزيود
19-01-2020 10:05 AM
ثارت في الإعلام ضجة كبيرة حول ما يسمى مكعب الأصفار ( صفر مديونية + صفر دعم حكومي + صفر عجز) ، الذي تبنته إحدى إدارات الجامعة الهاشمية السابقة ؛ و لكي نضع الأمور في نصابها الحقيقي ، و بعيداً عن التهويل الإعلامي و تسمية الأمور بمسمياتها، فلابد من إنزال الموضوع في سياقه التاريخي ، و لنبدأ بسؤال منطقي و هو ؛ هل الأصفار الثلاثة طارئة أم هي قارة و قديمة في الجامعة الهاشمية ، و قد عرفت في زمن سابق على هذة الإدارة ؟.
و لكي أُجيب على هذا السؤال فلابد من التمييز بين مرحلتين سابقتين قد مرت بهما الجامعة ، و هما الأولى أي ما قبل عام ١٩٩٨ و الثانية أي ما بعده إلى عام ٢٠٠٢ ، و هما مرحلتان مهمتان ، ففي المرحلة الأولى كانت الجامعة في بداياتها الأولى ، إذ كانت تحوي ثلاث كليات و هي (العلوم و الآداب و الاقتصاد و العلوم الإدارية و العلوم التربوية )، و كانت تخصصات الجامعة لا تزيد عن (١٧) تخصصاً في مرحلة البكالوريوس و (٤) تخصصات في مرحلتي الماجستير و الدبلوم ، و كان عدد الطلبة لا يتجاوز (٢٠٠٠) طالب ، و كانت رسوم الطلبة أقل من مليون و بحدود (٩٧٥،٤٧٥) ديناراً ، و كانت الموازنة العامة بحدود (٧،٤٣٨،٠٠٠) دينار !.
لقد كانت الجامعة في بداياتها ، كما قلت سابقاً ، لذلك تبدو الأرقام متواضعة و تتساوق و سمة البدايات !. أما إذا ما قارناها بالمرحلة الثانية فسيبدو الفرق جلياً ؛ إذ حققت الجامعة نقلة نوعية و يعود الفضل فيها لإدارة كفؤة و قيادية قادها الأستاذ الدكتور أنور البطيخي بروح الفريق ، الذي أنجز بصمت و دون استغلال للمنابر الإعلامية و دون تهويل ؛ فقد ارتفعت الكليات إلى ثمان كليات و هي ( الهندسة و العلوم الطبية المساندة و التربية البدنية و علوم الرياضة و معهد الملكة رانيا للسياحة و التراث و معهد الملكة رانيا للطفولة و التمريض و معهد الأراضي و المياه و البيئة و تكنولوجيا المعلومات )، أما تخصصات الجامعة فقد ارتفعت إلى (٥٦) تخصصاً في مرحلة البكالوريوس و (٢١) تخصصاً في مرحلة الماجستير ، و قد ارتفع عدد الطلبة من (٢٠٠٠) طالب إلى ( ١٠) آلاف طالب بواقع (٥٠٠٠) طالب سنوياً بعد أن كانت تقبل (٥٠٠) طالب سنوياً فقط في المرحلة الأولى !.
أما الرسوم الجامعية فقد ارتفعت هي الأخرى ارتفاعاً ملحوظاً ، إذكانت بحدود (٩٧٥،٤٧٥) ديناراً لتصل إلى (٨،٢١٠،٠٠٠) دينار ، و أما الموازنة العامة للجامعة فقد كانت بحدود (٧،٤٣٨،٠٠٠) دينار لتصل إلى (٣٦،٨٢٩،٠٠٠)دينار ، و لا أريد أن أستمر بالمقارنة فيما يخص مساحات البناء و أعداد أعضاء هيئة التدريس و أعداد الموفدين فقد تضاعفت هي الأخرى إلى أضعاف كثيرة ، و ليس لي هدف من هذا المقال / البيان إلا تبيان الحقيقة بالنسبة لوضع الجامعة المالي ؛ إذ تمتعت الجامعة الهاشمية بعد هذه الفترة بوضع مالي مريح بلا عجز و بلا مديونية و بلا دعم حكومي ، و الفضل يعود بهذا إلى هذه الفترة و ليس لأحد أن يدعي أن الجامعة كانت يوماً مُدانة أو فيها عجز ، و الفضل كذلك يعود إلى سياسة وضع الرسوم و إقرارها في حينها ؛ إذ قدَّر الدكتور البطيخي أن الجامعة لن تستطيع رفع رسومها لاحقاً لظروف كثيرة منها اقتصادية و أخرى سياسية ؛ لذلك وضع رسوماً عالية مقارنة برسوم الجامعات الأخرى !.
و بعد، فإن ما أُشيع حول ما يسمى " مكعب الأصفار " من ضجة و تهويل لا يخدم الحقيقة ؛ فالوفر المالي ليس وليد لحظته و إنما هو قديم و ذلك بفضل سياسة إدارة الجامعة في ذلك الوقت من جهة و لارتفاع الرسوم الجامعية من جهة أخرى ، و ثمة أمر في غاية الأهمية ، فقد كانت تُقر موازنة الجامعة في أعوام عديدة سابقة بعجز ؛ غير أنها تنفذ دون عجز ؛ بمعنى أن الجامعة لا تستدين لتنفذها ، و إنما كان الهدف من ذلك هو السعي لتحصيل الدعم الحكومي من الحكومة ؛ لأن الجامعة لو أقرت موازنة بلا عجز فإن ذلك يعني عدم تحصيل الدعم المرصود لها !.