من القضايا الاجتماعيّة التي هي على جانب كبير ٍ من الأهميّة ، قضيّة عزوف الشّباب عن الزّواج في مجتمعنا ، إذ أصبحت ظاهرة تؤرّقنا جميعاً ، لما لها من آثارٍ سلبيّة جمّة على الأفراد والمجتمع على حدّ سواء .
وقبل الخوض في هذه القضيّة لا بدّ لنا من البحث المُعَمَّق في أسبابها ، علّنا بعد ذلك نجد أو نقترح الحلول المناسبة لها ، مع علمي ككاتبة أنّ هذه القضيّة مطروقة من قبل ، إذ كتب فيها عدد كبير من الناس المهتمين بهذا الشّأن .
إنّ مِن أهمّ الأسباب التي أدّت إلى عزوف الشّباب عن الزواج هو ضيق ذات اليد ، حيث إنّ البِطالة أصبحت متفشّية بين شبابنا ، وأعداد الخرّيجين وطالِبي العمل في ازدياد مضطرد ، حتّى الشباب الذين لم يحصلوا على شهاداتٍ جامعيّة تراهم يفترشون الشوارع ، وبعضهم انحرف عن الطريق وأصبح مدمناً على المخدّرات ، وسلك سبيل الحرام لتأمين احتياجاته وإشباع رغباته .
ومن الأسباب التي أدّت إلى عزوف الشباب عن الزواج ، وبالتالي ارتفاع معدّلات العنوسة لدى الفتيات حُكماً ، هجرة بعض الشّباب للبحث عن فرصة عمل ، استتباعاً لعدم توفّرها في البلد ، فيقضي هناك السّنوات الطوال حتّى يستطيع بناء بيت وتأثيثه وتوفير التكاليف اللازمة للزواج .
كما لا ننسى أنّ ارتفاع المهور يُعَدّ سبباً من الأسباب الهامّة ، إذ أصبحت المهور والمصوغات الذهبيّة وملابس العروس ، ومتطلباتها وأهلها ثقل كاهل العريس وأهله ممّا يدفعه إلى التفكير مليّاً قبل الإقدام على هذه الخطوة .
وفي الطرف المقابل فإنّ هناك العديد من الفتيات من تشترط شروطاً معيّنة قد تكون تعجيزيّة أحياناً للارتباط بشابّ معيّن ، كأن تشترط شراء سيّارة لها ، والسّكن ببيت منفصل عن أهل العريس ، وعدم تحمّلها للعيش مع أهله ولو في دور ٍ مستقلّ مثلاً ، ممّا يشكّل إحباطا لدى العريس فيصرف النظر عن الزواج .
وقد يضطرّ الشباب للبحث عن عروس من بلاد أخرى ، كالبلاد الأجنبيّة ، أو البلدان التي انتشرت فيها الحروب ونزح أهلها من أوطانهم مجبرين ، والأمثلة أمام أعيننا كثيرة ولا حصر لها .
كلّ الذي ذكرناه من الأسباب يُعدّ من الأسباب المادّيّة ، أمّا الأسباب المعنويّة فتتمثّل في عدم الرّغبة في تحمّل المسؤوليّة ، وهناك من الشباب الكثير ممن تجاوزوا سنّ الأربعين والخمسين دون زواج .
وعلى الطرف المقابل هناك من الفتيات من تريد أن تحقق ذاتها ، فتكمل تعليمها العالي وتعمل وتهمل نفسها ، لتجد أخيراً أنّ العمر تقدّم بها وفاتها قطار الزواج .
أخواتي إخوتي القرّاء وضعت بين أيديكم الظاهرة المؤرّقة وأسبابها علّكم تساهمون في إيجاد أو بالأحرى اقتراح الحلول المناسبة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تؤرّق ليس مجتمعنا فحسب بل المجتمعات العربيّة كلّها بشكل عام .