نجح ترامب في جرّ إيران إلى معركة حدد زمانها ومكانها سلفاً وبدقة متناهية، ومن أبرز عناصر تلك الخطة إعلانه أنه هو من قرر قتل قاسم سليماني وعلى أرض العراق، فقد كان باستطاعته قتله دون الإعلان عن مسؤوليته.

أما الهدف من وراء ذلك فكان إظهار العجز الإيراني وكشف مدى ضعفها في المواجهة لعلمه ولمعرفته الدقيقة، أن إيران ليست مؤهلة لخوض أي مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية في منطقة الخليج العربي أو غيرها، لأن أي مواجهة مهما كانت ضراوتها أو عنفوانها ستؤدي إلى انهيار هياكل ما تبقى من الدولة الإيرانية التي تترنح تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
النتيجة المباشرة لعملية قتل سليماني ورفيقه أبو مهدي المهندس كان التفكير الإيراني في كيفية الثأر والانتقام وحفظ ماء الوجه لإران.
وتحدث الناطق باسم الحرس الثوري عن "الكرامة"، و"استعادة الهيبة" التى من المفترض أنها تمت في عملية قصف قاعدة عين أسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، وهي العملية التي لا تزال تطاردها التساؤلات والشبهات.
وبدل أن تتحول عملية الثأر الإيراني يوم 8 من هذا الشهر إلى نقطة تحول في مجرى المواجهة وتظهر القدرات الإيرانية وتعيد "القيمة" للحالة الإيرانية على اعتبار أنها تعد رافعة القوة الإسلامية في مواجهة "الشيطان الأمريكي" الأكبر، تحولت عملية عين أسد والحرير إلى فكاهة وتندر لدى الأوساط العربية بل والعالمية.
وباتت "الكرامة الإيرانية" مهانة بدرجة عميقة بعدما تداول الرواية "عن إطلاق إيران صواريخها حسب التوقيت الأمريكي"، وهو ما أزعج "الكرامة الإيرانية"، ودفع أجهزتها الرسمية والمركزية للتفكير جدياً في كيفية إعادة الاعتبار"لإيران الثورة والمقاومة" وتم ذلك من خلال محاولتين فاشلتين ومفضوحتين وهما، أولاً، تزوير تقرير للبنتاغون يتحدث عن خسائر وهمية وقد جاء في هذا التقرير ما يلي:
"الوثيقة التي أشرت إليها من المفترض انها موجهة من البنتاغون، إلى رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشيوخ تشرح الخسائر التي منيت بها قاعدة عين أسد بعد القصف الصاروخي الإيراني لها وجاء فيها التالي:
1 – عدد الضحايا 285، 139 قتيلاً و 146 جريحاً .
2- تدمير 15 طائرة هليكوبتر ومن ضمنها طائرة بلاك هوك / عدد 2 طائرة نقل / عدد 3 طائرات " درون " من نوع 1- MQ.
3- تدمير كامل: مركز القيادة للقاعدة / عدد 3 هناجر / عدد 3 مهاجع / عدد 10 خيام عسكرية .
4 - تدمير جزئي : برج المراقبة الجوية / مدرج الطائرات".
بالطبع ما ورد في هذا التقرير لم تتحدث عنه أي جهة في العالم، وحتى إيران نفسها، بشكل رسمي.
فهو تقرير مفبرك ومسرب لإظهار القدرة الإيرانية بصورة أو بأخرى بعدما أصابها "العور والوهن"، وسؤالي كيف تمكنت إيران من الحصول على هذه المعلومات الدقيقة من داخل قاعدة من المفترض أنها مدمرة ؟ والتفسير الممكن والوحيد أنه من خلال الأقمار الاصطناعية، واذا سلمنا بهذا التفسير، فالسؤال الآخر لماذا لم تلتقط ايران صوراً للقاعدة وللأضرار التي لحقت بها لتأكيد قدرات صواريخها التدميرية.
ثانياً: الاستعاضة عن فشل المواجهة العسكرية والصواريخ البالستية "الصوتية" التي أطلقت على قاعدتي عين أسد، والحرير بتصوير ثأري خيالي سينمائي "هوليودي"، وهو الفيلم الذي بات نكتة عابرة للأمزجة والثقافات في العالم، كله حيث عُوض الإحباط الإيراني وتحول إلى أفعال خيالية من خلال تصوير مقطع سينمائي لمجموعة منتقاة من قوات الحرس الثوري الإيراني أو فيلق القدس، خططت وفجرت مبنى الكونغرس في قلب واشنطن، ونفذت هجوماً كاسحاً على البيت الأبيض وقتلت خلاله ترامب، ووصل الخيال بالمشرفين على الفيلم ومخرجيه إلى حد تصوير قتل نتانياهو داخل البيت الأبيض، مع ترامب، وبومبيو، وبنس .