البدري يحاضر حول "فوضى الإعلام في الأردن"
16-01-2020 06:42 PM
*اخطر ما انتجته وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة "المواطن الصحفي"
عمون - اكد الزميل الدكتور هاني البدري أمس، ان اخطر ما انتجه التقدم التكنولوجي، ووسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الاخيرة؛ هي ظاهرة ما سمي ب "المواطن الصحفي".
وأضاف البدري خلال محاضرة له في نادي "سنابل اليرموك" حول "فوضى الإعلام في الأردن"، أن غزو التكنولوجيا والانترنت وظهور السوشيال ميديا خلال العشر سنوات الأخيرة احدث فوضى في الإعلام، واربك المشهد الإعلامي الأردني، ووضعنا أمام الكثير من التحديات.
وبين البدري أمام عدد من خريجي جامعة اليرموك، أن من أبرز تلك التحديات هي عندما اصبح كل مواطن يريد أن يصبح صحفياً من خلال نقله لفيديو أو خبر أو صورة من أي مكان عبر موبايله النقال، بغض النظر عن دقة ومصداقية المادة المرسلة.
وأشار الزميل البدري إلى أن هذه الظاهرة اثرت على بنية المجتمع برمته، وظهرت ملامح جديدة للمجتمع منها: عدم قبول الأخر، ورفضه، والحوار وصل إلى ادناه، وظهرت الاشاعة كجزء أساسي من محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي اختفاء القيمة وسوء المحتوى، بعد أن كنا نبحث عن جودة المحتوى الإعلامي في السابق مشيرًا الى انحدار عام في محتوى المنتج الإعلامي الذي يماهي أزمتي الأخلاق وسوء مخرجات التعليم .
ولفت البدري إلى ان كل هذا المشهد المضطرب ؛ اوصلنا إلى الأزمة الحقيقة في المجتمع الأردني، ألا وهي "أزمة الاخلاق"، في كافة الاتجاهات والآفاق، الأمر الذي اوصلنا إلى أن نكون نفرغ علاقاتنا من القيم الإنسانية الحقيقية، واصبحنا نقدم الشكل والاستعراضية والشعبوية وما يريده الجمهور على حساب المحتوى والمظهر أمام انفسنا والعالم.
وفي ما يتعلق بالعلاقة بين المواطن والإعلام الرسمي والمسؤول بالتحديد، قال البدري إن "اختلاف الروايات والتصريحات للمسؤول نفسه داخل الفريق الوزاري؛ عمق تلك الفجوة، وجعلها اكثر اتساعاً، مما جعل المواطن غير واثق لا بالمسؤول ولا بقراراته، بغض النظر كانت صائبة أو غير مؤهلة" كما ان فقدان الرواية الرسمية للدقة والمصداقية اسهم في تضخم فجوة الثقة بشكل غير مسبوق منذ ان كان المواطن الاردني مرغما على التأثر عبر مشاهدته لقناتي ٣ و٦ على شاشة التلفزيون الاردني فقط وحتى وصلت تكنلوجيا الاعلام الى ما وصلت اليه اليوم.
واضاف: "اصبحنا نشاهد تهافت وتسابق المسؤول الأردني وكل شخص يعمل قي الخدمة العامة وراء الإعلام والإعلاميين، وذلك لتجميل الصورة وتحسينها أمام المواطن، بهدف البقاء في المنصب، والاحتفاظ بشعبوية زائفة، بعيداً كل البعد عن الانجاز الحقيقي الذي يخدم البلد والمواطن".
وتطرق البدري إلى بدايات الإعلام في الأردن كخلفية لما وصلنا إليه في السنوات الأخيرة، حيث قال: كان الإعلام في المملكة في بداياته إعلاماً محافظاً،
واسهم كذلك في تأسيس جو مؤسساتي محترم، كان السباق في المنطقة والعالم العربي.
وبين أن الإعلام الأردني كان إعلاماً إلى حد كبير مؤثر؛ وذلك لعدم وجود تدفق معلوماتي وتفرد الرواية الرسمية في الإعلام، (التلفزيون والإذاعة الأردنية، وكالة الأنباء الأردنية)، في مشهد، يتجلى فيه الثقة المتبادلة بين المواطن وإعلامه ذو الصبغة الرسمية المتفردة الى حد كبير .
ولفت الزميل البدري إلى أن الإعلام الأردني كان قوياً في تلك الفترة بقوة الدولة الأردنية، واسهم كذلك في تنمية مجتمعية حقيقية بالمملكة، وجعل تلك الحقبة من ازهى الحقب في تاريخ الدولة الأردنية حديثة المنشأ.
وبين أن الإعلام الأردني كان على اطلاع بما يجري في العالم، وكان سباقاً بين التلفزيونات العربية، - بالرغم أنه كان محكوماً بالدولة والإعلام الرسمي- وذلك في تحديث المحتوى وإدخال المسلسلات الاجنبية للمشاهد المحلي، وكذلك الإنتاج الدرامي والتلفزيوني الوفير وذو القيمة، وجمال المحتوى.
وأشار إلى أنه عندما كانت الدولة قوية مع بداية الثمانينات، كانت الرواية الرسمية المطروحة في الإعلام مقبولة، لكن بعد أن تتطورت التكنولوجيا منذ عام ١٩٩٦، وانطلاق القمر الصناعي العربي الأول "عرب سات" ومن ثم "نيل سات" في مصر؛ اصبح لدينا الاف القنوات الفضائية، مما خلق روايات عدة للقصة الواحدة، كل حسب هويته وفكره وتوجهه.
مضيفاً: "هذا اوصلنا إلى استقاء خبرنا المحلي من قناة فضائية غير أردنية، وذات توجه خفي لا نعرفه، الأمر الذي عمق الفجوة وزاد الطين بله بين المواطن وإعلامه الرسمي وقنواته المحلية".
وقال البدري إن مشكلتنا الحقيقية في الوقت الحالي أننا بتنا لا نصدق أي رواية تظهر في الإعلام الالكتروني، مصنوع على أيادي غير محترفين وغير ملمين بالدوات والوسائل، وحتى فكرة التأثير.
وكان الزميلة ميسون الخطيب قد قدمت الزميل في المحاضرة التي تابعها خريجون من جامعة اليرموك من أفواج مختلفة انضووا تحت مظلة نادي سنابل اليرموك كما رحب الزميل زيد الحموري بالبدري لهذه الفعالية المتميزة.