على أونه على دويه .. انتهى المزاد
اللواء المتقاعد مروان العمد
16-01-2020 04:21 PM
استمتع الشعب الأردني خلال الأيام القليلة الماضية في متابعة مسرحية هزلية استمدت فصولها من أدب الامعقول وعلى غرار يا طالع الشجرة جبلي معك بقرة تحلب وتسقيني بالمعلقة الصيني . وعلى وعود مثل وعدتني بالحلق خزقت انا وداني .
أربعة أيام ونحن نستمع لمعلقات سوق عكاظ ورسائل أهل الصفا وخلان الوفا ، وهجاء الفرزدق وجرير ومديح ابو نواس والمتنبي وخطابات الحجاج وزياد ابن ابيه ومواعيد عرقوب . حيث اختلط الحابل بالنابل واعتلى الجميع المنابر . وسمعنا في هذه الأيام كل شيء الا اهم شيء .
وقف الخطباء على المنبر يستعرضون عضلاتهم في غياب بلاغاتهم .حضر كل شيئ في خطاباتهم الا موضوع المناسبة التي القوا بها هذه الخطابات . ارتفعت الاصوات وانتفخت الأوداج . غاب المنطق وحضر عكسه . وساد الخطاب الشعبوي واختفى الخطاب المنطقي .
وابطال هذه المسرحية هم بعضاً ممن انتخبناهم لكي يمثلوننا ويدافعون عن حقوقنا ، ولكنهم سكتوا دهراً وعندما نطقوا تمنينا لو ظلوا على صمتهم . وبدلًا من ان يعلمونا آداب الحديث والنقد اعطونا دروسا بألهجاء والردح . وبدلاً من الحديث عن السياسات والمواقف اسمعونا حديثاً عن العيوب والمثالب .
غلب الخطاب الشعبوي عليهم ، يتحدثون وعينهم على الانتخابات القادمة وعلى كم من الأصوات سوف يحصلون . يطالبون بظبط النفقات ويطالبون بالكثير من المشروعات التي تحتاج إلى الكثير من النفقات لمناطقهم . تحدثوا عن معلومات ووجهوا اتهامات دون برهان ودليل ولو رجعت إلى اصول بعضها لوجدتها في الفيديوهات الواردة إلينا من خارج الحدود . تنافسوا في انتقاد الموازنة وشيطنتها وفي تجريح رئيس الحكومة وانتقاده ، وهاجموا صفقة الغاز في غير موضعها وهاجموا الحكومة بسببها مع انها عقدت في زمن حكومة اخرى وفي ظل تواجدهم هم في مواقعهم التشريعية وربما لكي يلقوا عن كاهلهم تبعاتها عندما ربطوا الموافقة على الموازنة بإلغاء هذه الاتفاقية ليأتي بعد ذلك كله تصويت المجلس بالموافقة على الموازنة بالأغلبية كما هو متوقع مما يمكن اعتباره موافقة من هذه الأغلبية وبالتالي من المجلس على هذه الاتفاقية ، وبذلك فقد أعطوها شرعية نيابية من حيث يدرون أو لا يدرون، في حين انه كان الاولى بهم ان يدلوا بدلوهم في هذا الموضوع في الجلسة التي حددوها لمناقشة هذه الاتفاقية وبالتالي يعزلون إقرار الموازنة عن إقرار أو رفض الاتفاقية .
وبعد سجال وسجال وبعد استعراض عضلات والكثير من المناكفات جاءت ساعة الحسم وصوت لصالح الموازنة من صوت، وصوت ضدها من صوت بغض النظر عن مواقفهم منها خلال الماراثون الخطابي . وحصلت الموازنة على الأغلبية المطلوبة كما هي العادة دائما، واسدل الستار عن المسرحية وانتهى المزاد بعناق دولة الرئيس للتهنئة باقرار الموازنة.