اخلاقيات الحكومة و "النيو لووك"
د.عبدالفتاح طوقان
22-12-2009 02:52 PM
وزراء في مناصب مختلفة ، سفراء ، امناء عامين ،مدراء استثمار ، وظائف مختلفة ، اماكن مختارة ، مواقع متفاوته تحدد و ترسم خارطة طريق
لمستقبل الاردن . و حسب الموقع والدرجة تكون النظرة للامور ، فمنهم من يرى في اتجاه واحد ، و منهم من يرى في اكثر من اتجاه ، منهم من هو بعيد النظر و منهم من هو اعمى البصيرة ، منهم صاحب النظرة الشمولية و منهم محدود الرؤية . و لكن جميعهم يعيشون في قوقعه واحده اسمها " الادارة الحكومية " للدولة الاردنية .
اجتماعات ، استراتيجيات ، ميزانيات مالية ، اجندات عمل ،قرارات سياسية ، مراكز العاب القوى ، حرب مكتبية ، مناقشات دولية ، اعلام و
غيرها من الامور اليومية التى يتعرضون لها و يشكلونها . و الاهم من كل هذا و ذاك العقلية و الخلفية و مستوى التحصيل و الخبرات الخارجية و الداخلية و التفاعل الدولي لاجل تحديد الهدف ، الاولويات ،و الموعد النهائي للعمل.
ان يجلس اي منهم و ظهره الى الحائط ، مقفل الفم ، مغلق العقل لضمان استمرارية تواجده في الحكومة قد يحفظه لفترة في منصبه و لكن على حساب الوطن ، و بالتالي فالاردن لا يحتاج مثل تلك العالة على الجسد الحكومي ، من هنا اتت فكرة وزارة تطوير القطاع الحكومي.
و لقد شاهدنا كثيرين من تلك العينه التى لا تفتح فمها ، و تقبل بكل مقترح ، وتؤيد كل وزير ، و تقف مع كل قرار ، و هذه العينه هي من توصف بالعينة الحكومية المتسلقة. عينة لم تقدم ورقه تطوير او مقترح تحسين خدمه او فكرة ارتقاء بعمل ، و لم تشارك في مؤتمر بافكار و انما انتظمت بحضور غذاء العمل ، و عشاء العمل ، و تنعمت بالسفر في درجات رجال الاعمال دون ان يصدر عنها ما يساهم في صناعه مستقبل جديد للاردن .عينه امضت ثلاثين عاما في الوظيفة الى ان تم طردها من الحكومة بتوزيرها لاشهر تحسبا لمن يساندها و يقف خلف بقاؤها ، ولكنها لم تأت للوطن بشيء ، و ان صنفت بحملة "الامتيازات " بسبب صمتها و سكوتها و توقف عقارب ساعتها الوظيفية و الفكرية .. اليوم العالم في توجه اخر.
العالم اليوم في حاجة الى محاربي ادغال ، ممن يعيشون في العالم الحقيقي ، و على اطلاع بالعالم غير الملموس و لكنه مرئيا متابع و مشاهد عبر الفضائيات و وصفحات العنكبوت الالكتروني المسماة بالانترنت ، نوعيات سافرت و اندمجت و تفاعلت مع دول و جنسيات و مشاريع و حكومات و رأت حضارات و قرأت و ساهمت ، لان العالم يتجه الى "جنسية عالمية و احده " و هي قادمة بغض النظرعن هويات و جوازات سفر من هنا و هناك ، وعالم يتجه الى " حكومة عالمية ".
و اقصد ما الذي يجعل حكومة "بحجم حكومة الرفاعي او من يليها " قادرة على التغيير ، و تغيير ماذا ؟ و لماذا؟ ،هنا يجب تعريف و تحديد المطلوب و المدة الزمنية و البرامج التشغيلية للتنفيذ و من سيقوم بالاداء و كيف؟.
وايضا كيف يمكن مساعدتها و الوقوف معها؟ ، و ما هو دور المثقفين و الرواد في تقديم المشورة و المساهمة في عمل حقيقي فاعل ، بيوت الخبرة ومؤسسات المجتمع المدني ، عوضا عن الاكتفاء بنقد نتائج سياسات ، او كتابه عن ردود افعال و ان كان ذلك مطلوبا بايجابية و احتراف، لا سيما ان "الحكومة " في واحده من التعاريف هي وكيلة عن الشعب في حياتها و مستقبلها ، اذا ما سلم لها توكيل " الامان الحياتي "بضمان اعتمادية الحكومة و مسؤولية وزرائها .
الموضه السياسية لدى الحكومات المشكلة ، او "النيو لووك الحكومي " هو مصطلح " الاصلاح و التغيير" ، و مقاييس صدر الحكومة هي "الشفافية " ،و لكن الصورة غير واضحه في ثقافة العمل السياسي و اخلاقيات الساسة ، خصوصا ان عمل الحكومات السياسية ، في بعض منها ، كان لا يشمل "وجبات لغير اكله لحم الشعب " و حتى لو قبل شخص قدير و نظيف لمنصب عال , والمشاركة في دعوة غذا عمل حكومي ، قابلا التغاضي عن "اكل اللحم " و الاكتفاء "بالسلطة الخضراء السياسية" فقد كان يصنف ضمن قائمة الممنوعين من تناول اي وجبة رئيسية اخرى ، و بالتالي حكم عليه بالخس و الطماطم لوجبات محدده و اصيب بتلبك معوي سياسي مدى الحياة.
و هنا التضارب بين اخلاقيات " اكلة لحم الشعب " و اخلاقيات من فرض عليهم " الخس و الطماطم " ، و بالتالي فأن هناك خلاف قانوني حول الاجراءات ، حول طريقة اختيار الكفاءات ، مما يؤثر على اخلاقيات القطاع العام و القطاع الخاص / و يثير تساؤلات بحاجة الى اجابات واضحه عمن يملك ، من يدير ،و ماذا تقدم الدولة الاردنية ؟ ، و هي اسئلة تنطلق من صميم الادارة الحكومية ، و الحكومة مطالبة بوضع برامج و اجابات و خطط لها في استراتيجية واضحه للقرن المقبل. و هي اسئلة بحثية و منهجيه لاجل "اردن " هاشمي منيع على التغلل ، لا تسريب فيه لخبرات او تسييل اقتصاد او رهن ارادة.
و اقصد هنا ان تقاس حرارة اخلاقيات المسؤوليين ، امالهم و طموحاتهم ، طاقتهم الاخلاقية في التعامل ، قراراتهم الاخلاقية خصوصا و ان الاردن مقبل على كونفدرالية ، بيع القطاع العام ، مشروعات كبرى ، خارطة شرق اوسطية ، ميثاق شرف حكومي و اعلامي ، قانون انتخاب مجلس نواب جديد ، و غيره من الانظمة و التعليمات التى تمس الشأن الداخلي و غيرها مما يمس الشأن الدولي .
ترك النظريات هو احد الحلول ، و أن كان هناك "علم اخلاقيات ايضا للنظريات " و لكن الابتعاد عنها في تلك المرحلة مؤقتا و الانتقال الى دينماكية العمل الحكومي، و فك التواصل التنظيري معها في الادارات الحكومية افضل، و لتبحث الحكومة عن علم اخلاقيات "الصح و الخطاء " و تقرأء فيه و تعممه على مسؤوليها .
والمطلوب في برامج العمل ان تعمل تلك الادارة الحكومية و هي متيقظة و متطورة ، فاعله ، حاسمة ، و عالمية ليبقى الاردن دوما "الاول " في السبق ، وصاحب البيئة الافضل للنقل عنه ، كما كان دوما .
علم الاخلاقيات يمتحن فيه المهندس و الطبيب و الموظف و المواسرجي و الممرض و غيرهم في الغرب بالاضافة الى اامتحان في ماده القانون و بغض النظر عن مهنته قبل ان يعترف به و بحقه في العمل ، لان "الاخلاق و القانون " هما اساس العمل و التعامل اليومي للجميع .
aftoukan@hotmail.com