بتشريف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم لموقع المعمودية – المغطس، يحتفل الأردن الكبير بمرور عقدين من الزمن على الجهود النبيلة للاهتمام في المكان، وتطويره والترويج له سياحياً في العالم أجمع. فقد التأمت الاسرة الاردنية، بمسيحييها ومسلميها، بالإضافة إلى 40 رئيس كنيسة من الكنائس الانجلكانية في العالم، ورؤساء الكنائس في القدس الشريف، وكبار الشخصيات الاسلامية في الاردن، مع جلالة الملك المعظم عميد الرؤساء العرب، ومع صاحب السموّ الملكي الامير غازي بن محمد، رئيس مجلس أمناء المغطس، في احتفالية خاصة مع بداية العام، ومع موسم الحج العشرين لموقع المعمودية، منطلقين معاً، يداً بيد، نحو الأمام، ونحو عقد جديد من الزمن، يحمل في طياته، بإذن الله مزيداً من التقدّم للأردن العزيز ومن تطوّر النهضة السياحية، وبالأخص الدينية، في بلادنا المقدسة.
فقبل عشرين عاماً بالتمام والكمال، ابتدأ الحجّ إلى موقع المعموديّة – المغطس (الذي كان يُسمى تاريخياً بوادي الخرّار) في السابع من كانون الثاني عام 2000 للميلاد، حيث اجتمعت كلّ كنائس المملكة في احتفال مهيب واحد قرب تلة مار الياس، وهنالك أضيئت ألفا شمعة رمزا لألفي عامٍ من تاريخ الخلاص. وابتدأ منذ ذلك الحين تقليد سنوي بأن يكون هنالك حج للكنائس الكاثوليكية في الجمعة الثانية من شهر كانون الثاني من كل عام، كما في الجمعة الثالثة للكنائس الأرثوذكسية الشقيقة، بالإضافة إلى كنائس السريان والأرمن واللوثرية ومختلف الكنائس المتواجدة في المملكة، والعاملة بجدٍ ونشاط في الميادين الروحية والفكرية والانسانية.
نعود عقدين من الزمن إلى الوراء، لنتوقف عند زيارة تاريخية للبابا (القديس اليوم) يوحنا بولس الثاني إلى موقع المعمودية، ونتذكّر يومها كيف هبّت عاصفة رملية كبيرة، لكن ذلك لم يمنع أربعين ألف شخص من النزول لمواكبة البابا في زيارة حج تاريخية إلى موقع المعمودية، واعتماده رسميا موقعا للحج المسيحي.
ما زال الطموح كبيرًا، ذلك لأنّ المرحلة الحاليّة كانت مرحلة الإعداد: من مرحلة نزع الألغام في بداية الألفية الثالثة إلى مرحلة بناء الكنائس التي اكتمل بعضها، وما زال بعضها الآخر ينتظر. ومن بين الكنائس التي تنتظر التدشين في المستقبل هي كنيسة عماد السيد المسيح التي وضع حجر أساسها البابا بندكتس السادس عشر في 10 أيار 2009، بحضور جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، وصلّى فيها البابا فرنسيس في زيارته عام 2014.
هنالك بلا شكّ جهود حثيثة للهيئة الملكية لموقع المغطس، والتي يترأس مجلس أمنائها صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، ويشارك معه عدد من المختصّين بتطوير الشأن السياحي، سواء أكانوا من القطاع السياحي أم من القطاع الكنسي. وهنالك جهود لوزارة السياحة الأردنية ولهيئة تنشيط السياحة وللكنائس ولوسائل الإعلام. كلّها تعمل بتشاركية من أجل أن يكون المغطس أكثر ارتياداً من قبل الحجاج والسائحين.
إلى ماذا نصبو في العُشرية الجديدة؟ نصبو إلى رؤية جميع الكنائس مدشنّة، ومن ثم إلى أن نرى كذلك المرافق الإنسانية المعدّة جيداً، وإلى أن يكون هنالك زخم إعلامي كبير يتوجّه ليس فقط إلى الداخل الأردني، وإنما إلى كل أقطار العالم، من أجل حثّهم على زيارة الموقع الذي هو موقع فريد ومشهود له في الكتاب المقدّس، وبالأخص في الأناجيل، وكذلك في الشواهد التاريخية التي دوّنها الرحّالة، وأهمهم الحاجة الإسبانية ايجيريا عام 194 للميلاد.
كلنا ثقة، بأنّ احتفالية الكنائس، بحضور جلالة الملك المعظم في موقع المغطس، مع الترانيم الرائعة التي أدّتها جوقتا ينبوع المحبة ورقاد العذراء في المفرق، ستشكل نهضة جديدة، باذن الله، لبذل المزيد من الجهود، لتطوير المغطس، وتنشيط السياحة اليه، عبر القيام بخطة اعلامية جديدة للترويج العالمي.. وليكن هدفنا بعد الاحتفال بمليونية الزوار إلى البترا، العام الماضي، الاحتفال مع نهاية هذا العام بمليون زائر الى المغطس... إن شاء الله.
(الرأي)