الحكومة في وضع صعب، ويدها الان ممكن ان تلتوي في قبضة المهندسين، فإن هي استجابت لمطالبهم فعليها ان تتوقع تحركا من نقابات أخرى بنفس الاتجاه والمطالب، وأن لم تستجب فقد أعلنوا الإضراب على هدي من اضراب نقابة المعلمين..
وبين تفاقم مديونية الخدمات الطبية ومطالب المهندسين وبين اصرار النواب على تخفيض عجز الموازنة وعدم فرض اي ضرائب جديدة أرى رئيس الحكومة ووزير المالية بين المطرقة والسندان.
نقيب المهندسين يقول (النقابة تطلب حق ولا ترضى بتعطيل مصالح المواطنين) فكيف يمكن التوفيق بين التوقف عن العمل واستمرار معاملات المواطنين وعمل المرفق العام بصورة طبيعية؟؟ وإذا قلنا ان اضراب الموظف العام غير قانوني ومخالف لنظام الخدمة المدنية فإن المعادلة المنطقية أن نقابة المهندسين تطلب حقا بمخالفة القانون وتعطيل المرفق العام.
هذا من الناحية القانونية وواجب الحكومة بضمان استمرار عمل المرافق العامة للدولة، اما من الناحية الإنسانية المعيشية فلا احد ينكر ان رواتب القطاع العام متدنية عموما ولكن الموازنة العامة في وضع صعب جدا وأي رفع للنفقات الجارية سيكون على حساب جيب المواطن او تخفيض النفقات الرأسمالية او البحث عن قروض جديدة.
وأما عن قول نقابة المهندسين بأن علاوة أطباء القطاع العام احتسبت على الراتب الإجمالي بينما علاوة المهندسين احتسبت على الراتب الأساسي فلا مجال للمقارنة لان الحاجة ملحة لحماية القطاع العام الصحي من الانهيار تستلزم وقف هروب الكفاءات الطبية منه، ولو كان الخيار للمواطن لانحاز للأطباء فالصحة اهم من الأعمار.
مديونية القطاع الطبي العام وصلت الخط الأحمر فإما ان نغامر بتراجع هذا القطاع ووضع شريحة واسعة من المواطنين تحت رحمة القطاع الطبي الخاص وإما ان نؤجل مطالب المهندسين وغيرهم إلى حين ميسرة.
اعرف ان هذا الحديث لن يعجب إخوتنا المهندسين ولكن واجب الكاتب الإنحياز للحقيقة والقانون وليس الانجرار إلى البحث عن الشهرة على حساب المصلحة العامة.