حذيفة مغترب أردني من مدينة اربد تحديدًا، سمي الصحابي حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) وكان الصحابي الكريم يسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلما التقاه عن الشرور والفتن، فقد كان يخاف أن تدركه هذه الشرور فيستعلم عنها وعن أحوالها، ليعرفها ويتجنبها وأهلها.
وكذلك صديقنا حذيفة كلما التقى أردنياً مغترباً عن وطنه، سأله عن حال الأردن وجديد أخباره المبعثرة بين الفساد وسوء الإدارة، وارتفاع المديونية ونسب الفقر والبطالة، ومهاترات الساسة التي لا تنتهي، فحذيفة مثلنا كلنا، نسمع هذه الاخبار يوميًا ومنا من يلاحقها، فنحزن لوطننا وأهلنا ولأنفسنا ايضًا، فنحن قطعًا نستحق أفضل من هذا.
ما لا يعرفه حذيفة أن الشر قد أدركنا جميعاً، فنحن نراه ونسمع أخباره هنا وهناك، لكننا نرفض أن نتعرف عليه لنتجنبه، فالفساد وسوء الإدارة شر على اختلاف مستوياتهما، ولكن ماذا فعلنا لمكافحتهما؟ هل طردنا الفاسدين ونبذناهم من مجتمعنا أم قدمناهم في المجالس وجعلناهم واجهات اجتماعية وخدمية؟ هل رفضنا أن نصوت لفاسد في مجلس النواب ؟ وماذا فعلنا لارتفاع الأسعار والضرائب والبطالة والفقر وكلهم شر كذلك؟ هل حاسبنا كل من أوصلنا لهذا الحال؟ ببساطة هل عرف الناس الشرور وتجنبوها أم عميت ابصارنا؟
الدولة القوية تحتاج مجتمعاً قوياً يعرف الشر ويتحرك ازاءه، والمجتمع الضعيف الذي يكتفي بالفرجة يصيب الدولة بداء الضعف ايضًا، والتاريخ يقدم لنا ألف ألف درس وعبرة في هذا السياق، والاردنيون بنوا دولتهم وحموها في المئة سنة الماضية بالدماء والعرق والسهر، فكانت الدولة ومؤسساتها مشروعهم ورسالتهم ومن واجبنا اتجاه آبائنا وأجدادنا، أن نحمي الدولة ونقف في صفها بأن نكون مجتمعا قويا، فاعلاً، ونشطاً، يؤثر في اتخاذ القرارات ومعالجة المشاكل والأزمات، يطرد وينبذ المفسد والمسيء، لتستمد الدولة منا قوتها ونساعدها لتعالج نفسها مما ألم بها من سوء وخلل، فنهبها فرصة استعمال كل أدواتها لمواجهة الضغوطات الخارجية والداخلية بأن نكون ظهيراً لها لا عبئا عليها .
نحن يا حذيفة جيل قد أدركته الشرور والمحن، ولم نعرفها وأخاف أن نكون اعتدنا عليها وفقدنا الدهشة أمام تكرار حصولها فألفناها، فيا صديقي في المرة القادمة لا تسأل الأردنيين عن الاخبار وسألهم ماذا سنفعل لنجنب أردننا الشرور والمحن والفتن.