لقد آثرتُ أن أتناول في هذا المقال اللغة العربيّة من بعض الجوانب للتنبيه على بعض جوانب تقصيرنا تجاه لغتنا العربية الأصيلة .
قال تعالى : " ومن آياته اختلاف ألوانكم وألسنتكم " فقد جعل سبحانه وتعالى الاختلاف سنّة في خلقه ، ومن أوجه تلك الاختلافات ، الاختلاف في اللغة ، ومن طبيعة البشر في جميع أنحاء المعمورة الاعتزاز بلغتهم التي ينطقون بها ، وتشكّل لغة التفكير لديهم ، ووعاء لعلومهم ، وعلى رأس هذه اللغات كانت اللغة العربيّة
ومن المكرمات التي خصّ بها الله تعالى اللغة العربيّة أنَّها لغة القرآن الكريم ، المُعجز ، هذا فضلاً على أنّها لغة الضاد ، قال تعالى : " إنّا أنزلناه قرآناً عربيّا ً " فكان هذا تحدّياً من الله تعالى لأهل قريش العرب الأقحاح أصحاب الفصاحة والبلاغة والبيان ، فقد جاء في كتاب الله تعالى : " وإن كنتم في ريبٍ ممّا نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله "
وقال تعالى : " قل لئِن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ً "
ممّا تقدّم يتبيّن لكل ذي بصيرة ما للّغة العربيّة من أهميّة عظيمة استدعت منّا كعرب أن نتفاخر ونباهي بها الأمم الأخرى
ومن أبجديّات الاعتزاز بلغتنا العربيّة أن لا نجعل منها لغة هجينة من خلال خلط ألفاظها بألفاظ من لغات ٍ أخرى كما هو شائع لدى معظم شبابنا ذكورا وإناثاً وخصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ، فتراهم يستخدمون اللغة العاميّة فضلاً عن خلطها بألفاظ من لغات أخرى لدرجة اختراع بعض الأرقام لتحل محل الحروف .
ومن واجب الحكومات المتعاقبة إدخال مفاهيم البلاغة العربيّة في مناهجنا في سنّ مبكرة ، حيث إنّ الطلبة قادرين على الاستيعاب والفهم ، ورسوخ المعلومة لديهم أسهل وأسرع .
وعلى مستوى أعلى فإنّه من واجب الدّولة التي تعتزّ بلغتها العربيّة العمل على تعريب بعض العلوم المختلفة مثل الطبّ والهندسة ، ولنا في ذلك مثال العلوم المُعَرَّبة في جامعة دمشق الدّوليّة العريقة .
ولا نُنكر جهود الأردنيين وعلى رأسهم ملوكنا الهاشميين المتعاقبين في إنشاء مجمع للّغة العربيّة ، والذي من أبرز اهتماماته الحفاظ على اللغة العربيّة من الزوال والاندثار بسبب الهجمة الشرسة عليها حتّى من أبنائها أنفسهم .
وقد كان ولا يزال بَعث اللغة العربيّة الفصيحة في نفوس الأجيال الجديدة من أبرز أهداف علماء اللغة العربيّة والقائمين على المَجمع ، وخيرُ مثال ٍ على ذلك العلّامة ناصر الدين الأسد ، ومعالي الوزير الأسبق خالد الكركي ، وأمثاله كُثُر في المملكة الأردنية الهاشمية الحبيبة ، وهم خير قدوة لنا في الحفاظ على لغتنا التي نعتز بها ونباهي الأمم الأخرى .
ولنا كتابات أخرى في قابل الأيّام إن شاء الله تعالى .