العدالة لا تحتمل الصقيع يا دولة الرئيس!
د.طلال طلب الشرفات
12-01-2020 06:40 PM
هل يُعقل أن يقضي القاضي وهو يرتجف برداً في صقيع صباحات كانون؟. وهل يُقبل أن تبقى الخدمات المساندة للقضاء في أدنى مستوياتها؟. وإلى متى يبقى التعامل مع الخدمة القضائية ومتطلباتها على ذات السياق للمؤسسات والدوائر الحكومية الأخرى؟. ومتى ندرك أن القضاء جهاز دقيق حساس يُعالج أخطر وأهم احتياجات المجتمع في حقوق الأفراد وصيانة أموالهم وحرياتهم، والدولة في استقراها وأدائها لدورها الوظيفي، وحسن سير مرافقها العامة في القطاعات كافة؟.
وهل يُمكن تصوّر أداء مرفق العدالة لدوره بدون أن ينال الجهاز القضائي الاهتمام الكافي في ظروف المحاكمات وأداء الدور القضائي من كافة جوانبه؟.
القضاء الذي ينطق بالحق دوماً، وقراراته هي عنوان الحقيقة يستحق أن ينال الرعاية التي تليق به، والزائر للمحاكم وعلى الأخص محاكم عمان وبعض المدن الأخرى يُدرك حالة الاهتراء في تقديم الخدمات المساندة للقضاة كالتدفئة، والصيانة، والقرطاسية بمعظم محاكم عمان وبعض الأجهزة في أقسام المتابعة، وهيئات محاكم الصلح في قصر العدل، والاكتظاظ الذي ينعكس سلباً على مرفق العدالة، بالإضافة إلى خدمات الضيافة لرؤساء المحاكم، والنيابة العامة، والقضاة على مختلف درجاتهم ومواقعهم.
القاضي الذي لا تتوفر له كافة الخدمات المساندة والظروف التي تمكنه من أداء عمله بثقة وشفافية واقتدار، لا يجوز أن يطلب منه عدالة ناجزة، وإنجاز رفيع.
القضاء الأردني المتميّز الذي يرفد الكثير من الدول الشقيقة بالقضاة المحترفين والذي يُعد شامة الأجهزة القضائية في المنطقة يستحق أن تخصص له موازنة كافية وأن يُعطى الحق الكامل في إدارة كوادره الإدارية، والإشراف على تحسين مباني المحاكم وصيانتها وإدامة الخدمات الإدارية والقضائية لأهمية تهيئة الظروف لأن يعتلي القاضي منصة القضاء أو التحقيق وهو في ذروة الثقة والراحة والشعور بالإستقرار.
قصر العدل في عمان هو تاج المحاكم الأردنية وأكثرها ازدحاماً وإقبالاً من المتقاضين، وهو الأحوج للصيانة وإدامة خدمات التدفئة والذي يحوي مئات القضاة وكثير من الإداريين، والبرد القارص في هذا الشتاء يُدين الحكومة في تقصيرها وإهمالها لمرفق القضاء أياً كانت مبرراتها في ضبط الإنفاق الذي لا يجوز أن يطال القضاء وأجهزة إنفاذ القانون المدنية والأمنية، والسبب أن تلك الإجهزة تقوم بمهام وطنية خطيرة وجوهرية في تعزيز الاستقرار الوطني وتعكس مدى احترام قواعد الشفافية، وسيادة القانون.
أشعر بوخزة ضمير عندما أصمت عن أي نقص في خدمة مرفق العدالة، وأحس بتقصير تجاه الجهاز القضائي الذين عودونا أن يصبروا على عنائهم دون بوح، وجرحهم دون شكوى، وهم سادة الكلمة وحُرّاس الحقيقة، ولأن العلاقة بين الحكومة والمجلس القضائي هي علاقة ما زالت ملتبسة في تحديد الأولويات، وتقدير النواقص والمتطلبات؛ فقد آن الآوان لإعطاء المجلس القضائي الدور الكامل في الإدارة والإشراف على مرفق القضاء برمته؛ لأنه الأحق والأقدر على تقرير وتقدير ذلك. وبالتأكيد سيكون في هذا الشأن للحديث بقية...!!