كم هي مثيرة لدرجة الاشمئزاز تلك التصريحات التي يدلي بها من حين للاخر السفير الامريكي في القدس ديفيد فريدمان، ولا اعلم ما اذا كانت تصريحاته تعبر عن سياسة واشنطن ام عن احلام اليقظة لبعض قادة تل ابيب، فمن المفترض ان يلتزم السفير فريدمان بالخطوط العامة للسياسة الخارجية الامريكية لا ان يقوم بفتح قنوات للسياسة الاسرائيلية من منظور غير معروف مصدره على الرغم من ان ايا من القادة في تل ابيب لم يصرحوا كما فعل.
فما افضى به السفير فريدمان هو حديث من التجليات لم يتحدث عنها حتى نتنياهو ازاء الحال في الضفة الغربية واضاف على حديثه عن انهاء ملف شرعنة القدس والجولان من دون قبول اممي منصبا ذاته انها على القانون والقانون هي، فمن حق السفير ان يدافع ان سياسية بلده لكن ليس من واجبه ولا من حقه استفزاز المناخات العامة في المشهد العام فان مسالة التقيد بالنص مسالة غاية بالاهمية في العمل الدبلوماسي الذى يبدو انه يفتقره في ادائه العام، فان ما افضى به من تصريحات لا تنسجم مع قرارات الشرعية الدولية ولا مع الاطار القانوني الناظم للأعراف السياسية والدبلوماسية ولا تخدم تصريحاته سوى رفع معدلات تاجيج المناخات في المنطقة الذي اعتقد ان السياسة الامريكية لا تريده كما لا تريد رفع مستويات العداء لسياساتها في المنطقة بعد حد مواقعها السياسية ازاء قضايا مفصلية تشكل القدس احدى مرتكزاتها.
والامر الذي يجعل من تصريحات السفير فريدمان تمس بالامن والسلم الاقليمي ولا يخدم مناخات السلم الدولي الذي من المفترض ان يكون السفير فريدمان حريص عليها اكثر من حرصه على كسب ود البعض من قيادات تل ابيب، فان المنطقة ليس بحاجة الى مزيد من الاحتقان كي يتحفنا السفير فرديمان بالمزيد جراء حالة المماطلة في عملية السلام ومناخات الاحباط و فقدان الامل مع دخول المنطقة في تجليات نظرية الاحتواء الاقليمي ومخطوطاتها العبقرية التي سطرها بولتن وعزف سمفونيتها كوشنير وقام بتلحينها كرين بلانت ولم يبق منها سوى بومبيو الذى سيقوم بالمغادرة هو الاخر عما قريب.
فان هذه التصريحات من شانها ان تضعف فرص تحقيق السلام ولا تخدم سوى دعاة التطرف والغلو وكما تحاصر تيار الاعتدال في المنطقة الذى يعمل وفق اطار قرارات الشرعية وكما عمل على دعم مناخات الامن والاستقرار وكان شريكا رئيسيا في محاربة الارهاب في المنطقة، وقدم كل ما بوسعه ازاء تمسكه بالعقدة الامنية التي يقوم عليها امن المنطقة كما امن اسرائيل، لذا فمن الضرورة بمكان ان يتوقف السفير فريدمان عن تصريحاته هذه وان يلتزم بسياسية ضبط الايقاع الذي التزم بها الجميع من اجل سلام المنطقة ومن اجل امن مجتمعاتها، فمن يريد الخير للمنطقة عليه ان يقوم بما هو خير المنطقة ومجتمعاتها، والولايات المتحده تقوم بالعمل من اجل مسقبل المنطقة وامن شعوبها والامل يحدونا ان يقوم السفير فريدمان بما تقوم.(الدستور)