مجتمع الكراهية الجديدأ.د. محمّد القضاة
10-01-2020 10:06 PM
تجلس في اَي اجتماع وفِي اَي جلسة وترى العجب العجاب، تتساءل ما بال الناس يكرهون بعضهم بعضاً! ما بالهم يأكلون لحم بعضهم بعضا؟ ويستمر الألم والحزن ويستمر معهما إيقاع السؤال تلو الاخر وتحد نفسك امام نار تنتشر في الهشيم، وهذا يعني ان نقرأ بعناية هذه الظاهرة ونناقشها ونفتح ابوابها على مصراعيها لمعرفة نتائج استمرارها في مجتمعنا الذي كان الى وقت قريب مضرب الأمثال في محبته وتواضعه وإنسانيته، واليوم بات الامر مختلفا؛ لان كارهي الخير يسدّون بكراههم عين الشمس، وأقول تعالوا لتقرأوا حجم هذا الجرح كيف اتسع ليصبح دائرة تلتهم كلَّ عناصر الخير، تعالوا لتروا كيف أصبح اليائسون! وكيف غدت أواصر التراحم والمودّة ؟ وكيف أضحى حال العمل في مؤسسات المجتمع؟ تعالوا لتروا المحن إلى أيّ حدّ زادت! والعفن إلى أيّ درجة طفا على سطح الأحداث! ولتروا السفهاء والجهلة كيف همُ اليوم؟ وفي المقابل تروا مآلَ الشرفاء والأوفياء والأصفياء والانقياء، تعالوا وانظروا إلى تنامي الجرائم في المجتمع، والى الجشعين والحاقدين، أولئك الذين تبوّؤا المكانة الفضلى في زمن انقلبت فيه الموازين، وانظروا إلى مناهج الجهلاء من أنصاف العلماء ممّن ضاعت عقولهم، وغابت مناهجهم في أتون الحقد والكراهية، تعالوا لتروا وجعَ الناس في زمن يستأسد فيه الأذلّة، تعالوا وقارنوا بين ذلك الجيل الذي تربّى على البساطة والقلّة والإيثار، وما يشيع في حاضرنا من سخف وصَغار وأوكار ومواخير لا نهاية لها. تعالوا لتقرأوا أنّ الصمت مع الصغار في مجتمع الكراهية حكمة، والحديث في حَلَبَتِهِم بلاهة، واحترامهم وتقديرهم سفاهة، وعلمهم وفكرهم جهالة. وأنّ الكبار كبارٌ بحضورهم وجدّهم وصبرهم وعلمهم؛ فكلامهم رقي، وقرارهم حكمة، وكتاباتهم مدرسة وعبر وعظات، ولفتاتهم إنسانيّة، والصغار صغارٌ مهما كبرت أعمارهم، ومهما كانت درجاتهم، ومهما زادت ثرواتهم، ومهما رَقَتْ وظائفهم، حتى إن كانوا في نظر بغضهم في خانة الكبار فهم في قرارة أنفسهم صغار. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة