تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك السامية بكتاب التكليف السامي حول اقرار ميثاق شرف يتضمن مدونة قواعد السلوك الخاصة برئيس الوزراء والوزراء الذين يتعين عليهم الالتزام بها والتقيد بما ورد فيها ، فقد قامت الحكومة الجديدة في اول مبادرة لها في اقرار هذا الميثاق والذي يؤكد على ضرورة الالتزام بالقوانين في كل ما تقوم به الحكومة ، كما اوضح كل المعايير القانونية والاخلاقية التي يجب على رئيس الوزراء والوزراء الالتزام بها بحيث تكون هذه الوثيقة المعلنة مرجعية اضافية يعتمدها الاردنيون في الحكم على اداء الفريق الوزاري ، وتعتبر هذه الخطوة شيء جديد وايجابي يتم به ترسيخ المبادئ العامة في ميثاق شرف لتذكير الوزراء بما يتعلق بتصرفاتهم واعمالهم وقراراتهم.

وان الميثاق خطوة ايجابية ومتقدمة ينسجم مع كتاب التكليف السامي ،ويعزز الشفافية ونظام الحوكمة الرشيدة والثقة في الادارة الحكومية. وورد في الميثاق معايير اخلاقية وادبية تلزم الوزير الالتزام والتقيد بها عند قيامه بواجباته مما يعزز العدالة والمساءلة في الشفافية ومحاربة الفساد وان هذه الوثيقة التي اصدرها ووقع عليها مجلس الوزراء الأردني تعتبر اهم وثيقة أردنية تصدر بشأن محاربة الفساد. وتستند الى الدستور والقوانين وتتواءم مع الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد التي وقع وصادق عليها الأردن

ومع ان الدستور والقوانين هي الاساس الا ان الميثاق يعتبر تكميلياً لانه جاء ببنود جديدة ومحددة لم يعاقب عليها القانون ، و فكرة الميثاق ليست جديدة فهي معمول بها في كثير من الدول الديمقراطية والمتقدمة الا ان الميثاق قدم لاول مرة نموذجاً للجميع ينص على احترام المنصب وعدم استغلاله ، فالمنصب لا يعطي صاحبه الحق في المخالفة مهما كانت صغيرة او كبيرة ويؤكد التزام الحكومة بتطبيق وتنفيذ كل ما ورد في كتاب التكليف السامي

ومن خلال قراءة بنود ميثاق الشرف "لم يسمح للوزير العمل كمستشار أو استشاري لأي شركة أو مشروع أو لأي مصالح أخرى سواء بأجر أو من دون أجر، كما لا يجوز له تقديم مساعدة لأي منها إلا ما يقوم به بصفته الرسمية".وهو ميثاق أخلاقي بالدرجة الأولى، يساعد الوزير الذي يتمتع بصلاحيات تقديرية على ممارسة هذه الصلاحيات، واتخاذ القرارات الصائبة من دون تردد، وكذلك نص صراحة أن على الوزير التعهد بعدم تركه منصبه الوزاري، بأن لا يحقق أي مصلحة شخصية من المعلومات التي حصل عليها أثناء خدمته في ذلك المنصب والتي لم تكن متاحة لعموم الناس. وأن يمتنع خلال مدة سنة من تاريخ تركه المنصب الوزاري عن تقديم النصح والمشورة لصالح أي جهة داخلية أو خارجية تعمل في نطاق المسؤوليات التي كانت منوطة به أثناء تولي المنصب الوزاري أو العمل فيها والقيام بأي عمل في أو مع الوزارة التي كان يتولاها أو أي من الدوائر أو المؤسسات التي كانت مرتبطة به في أمر يخص أشخاصا آخرين.

وأن على الوزير أن يراعي بعد تركه منصبه، بقاء سلوكه الشخصي وتصرفاته ضمن بنود هذا الميثاق الأخلاقي والذي سيكون واحدا من المعايير التي بإمكان الناس وهيئات المراقبة الدستورية محاكمة المسؤولين بناءً عليها ومتلائمة مع مكانة الحكومة وسمعتها ونزاهتها. ويعتبر "الميثاق الشرفي ليس مسبوقا على صعيد الوطن العربي"، الا أنها الوثيقة الأولى التي تطبق في الحكومات العربية، حيث راعت مبدأ أن الأفكار الكبرى تمر عبر مؤسسات راسخة، وأن هذه المؤسسات تستمد رسوخها من المعايير التي تبنى عليها.

ولذا فانه لا بد ان يتبع هذه المبادرة الحكومية مواثيق شرف لمجلس النواب والاعيان والهيئات الحكومية كافةً ، وللصحافة والاعلام والمواقع الالكترونية وصولا الى منظومة متكاملة تحكم عمل الجميع اخلاقياً وادبياً وان يتم محاسبة كل من يتجاوز مواثيق الشرف التي تحكم عمل كافة المؤسسات التي تدار داخل حدود الدولة الاردنية.

الكاتب : رئيس قسم ادارة الاعمال / جامعة الاسراء
bsakarneh@yahoo.com