الرفاعي الأب .. قد كفّيت ووفّيت (2/2)
19-12-2009 02:00 PM
[ أتصفح أوراق مخطوطين مؤجلين لأسباب خاصة يختلفان في الشكل ويأتلفان في المضمون ، قديمهما هو (رجال حول الملك) أما حديثهما فهو (الإصلاح السياسي في العهد الرابع) ، أقوم بذلك وأنا بين يديّ الفصل الأكثر عمقا والأسمى حميميةً وانسانيةً ، والمستحق أهلا أن يُعنون بإستراحة المحارب في كتاب سيرة ومسيرة دولة الأستاذ زيد الرفاعي ..
أما الصدى ، فتنداحُ ، مستجيبةً لاشتعال الحالة آنفاً ، مشاعر كهرووطنية من تحت فروة رأسي إلى سهوب كتفي الأيمن ، وتقف هناك كي تستشرف أيَّ منعرج ستسلك من على عروق ذراعي المأمورة ، ثم عبر أصابعي كي تصل في المنتهى إلى مرمى هدفها الحرون ، وأعني رأس هذا القلم المأمور بدوره هو أيضاً ، والذي راحت من فورها تتراقص أمام انسيابية عزمه السيّال ، عرائسُ غير مشهدية وإنسانية تضيء رحلة نصف قرن وعامين من زمن الرجال الرجال ، أمضاها دولة الكبير زيد باشا الرفاعي في خدمة شعارنا الأردني المقدس (الله / الوطن / الملك) .
لولا صدور الإرادة الملكية السامية بقبول استقالة دولته ، استجابةً سنيةً لرغبته في التقاعد والخلود إلى الراحة بعد خدمة 52 عاماً ، لاستعرت عنوان مقالة الزميل العزيز خالد محادين ( مشان الله يا عبدالله ) ، كي ألتمس بين يدي جلالة الملك أن لا يوافق على استقالة الرئيس الرفاعي ، وبأن أقاويل التوريث .. مسوغاً مصطنعاً لهذه الإستقالة ، لن تضير من قريب أو من بعيد جلالة الملك ولا شعبه الوفي ، وبأن هؤلاء القولانيين من سدنة العتم والفهاهة والعجيج الخائب بالمحصلة ، من الذين يستيقظون على اغتيال الشخصية ويمسون على نظرية المؤامرة ، سيظلوا سادرين في غيّهم القرقي استقال الرجل أم لم يستقل .
إلى ذلك كنت سأجاهر بالمسكوت عنه وهو أن بقاء دولته سيثري المرحلة القادمة بالمسمن المغني بكل اللغات والمقاييس ، وأنا بهذا المفترض المستحيل وقد اسقال الرجل لا أطرق باب الغير مفكر به بل أحاول أن أوزع رقاع دعوة صريحة لتلاوين الطيف كافة ، أن هلموا إلى استقراء مستوى الإداء في حراك الدولة الأردنية ، فيما لو كان الرفاعي الأب كفقيه برلماني ومعلم دستوري على رأس مجلس الأمة والرفاعي الإبن رئيساً للوزراء ، ما يذكرنا وإن تقاطع ما سيكون مع ما كان ، في حديث عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، بأنه (إن رضيناك والياً خسرناك فقيهاً وإن رضيناك فقيها خسرناك والياً) ، ومهما يكن من أمر الإلتماس المتخيل آنفاً بإزاء الإستقالة المحسومة ، فإن دولته سيبقى كما كان في خدمة العرش والبلاد يمتثل لأمر جلالة الملك بأي حال وفي كل حين .
كاريزما الزعيم الرمز والمرجعية تبرز عند عظيم الأمور ولدى جسيم الخطوب ، وأبو سمير كان دائماً بحق ولا أماري كما البدر في الليلة الظلماء ، وحسبنا للتمثيل لا الحصر وقفته الأشرف يوم رحيل الحسين الخالد طيب الله ثراه وانتقال العرش إلى عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه ، فمن على منبر مجلس الأمة جاء صوت أبي سمير الرخيم واثقاً صادقاً ، رغم حزنه العظيم على رحيل صديق طفولته وصباه ورفيق شبابه حتى الرحيل جلالة المغفور له الملك حسين طيب الله ثراه .
إن هي .. ختاماً ، إلا كلمة حق اصطفت على غير موعد مضروب ، وأنا أرى إلى غير مشهد سياسي وضجيج وطني في الشارع الأردني ، حيث يعدُّ الرئيس الرفاعي الإبن بطاقمه الوزاري ووفق ما جاء في كتاب الرد على التكليف السامي ، العُدة لتنفيذ برامج الحكومة بدءاً بتطبيق اللا مركزية ، وإنجاز قانون الإنتخاب المرتجى تحضيراً لعملية الإنتخابات النيابية وصولاً إلى الإصلاح الشامل كما يريده جلالة الملك ، وهي استحقاقات وطنية قد تحتاج من رئيس الحكومة الجديد سمير الرفاعي ، أن يمهد لبدء حوارات وطنية تشمل شتى ألوان الموزاييك الفكري والسياسي ، و ذلك بغرض التوصل إلى صيغة توافقية لتحقيق برنامج الحكومة الرئيس وأعني الإصلاح الشامل في الأردن ، بمعنى اننا وبكلمة بانتظار شتاء سياسي ساخن نسأله تعالى أن يكون حافلاً بالخير العميم ، وعلى دولة الكبير أبا سمير في جند الهواشم الميامين أطيب سلام . ]
Abudalhoum_m@yahoo.com