الغارمون والغارمات .. جريمة مفتوحة فأين الجاني ؟
الدكتور معتز هاشم
05-01-2020 10:24 PM
قد لا يكون مفيداً توصيف الحالة المزرية للغارمات في ظل عدم وجود حلول جذرية تزيل حالة الارتباك في فهم ما يجري في ضوء وجود انفلات في أسس إقراض المرأة ودق إسفين في بنية الأسرة بزعم أن ذلك يأتي في إطار تمكين المرأة اقتصادياً، رغم عدم وجود دراسة للجدوى الاقتصادية أو الرقابة اللاحقة التي تتبع الإقراض. والأهم أن المبالغ التي يتم إقراضها هي مبالغ استهلاكية بشكل واضح ولا تجعل للتمكين الإقتصادي المزعوم أي أساس، بل تضر بدور المرأة ويتم انتهاك خصوصيتها ودورها بصفتها لبنة فاعلة في بناء المجتمع السليم.
قبل أن نعبر عن جريمة الإضرار المجتمعي التي تسببها عملية الإقراض هذه؛ علينا أن نتساءل عن الأساس القانوني الذي تستند إليه شركات ومؤسسات الإقراض تلك، وهل يحق لها ممارسة عملية الإقراض أصلاً ؟ وإلى أي مدى يحق لتلك الشركات أن تضرب استقرار الأسرة الأردنية في مقتل، وتحول الأم الأردنية المربيّة الصابرة لمخالفة القانون ومطاردة دوائر وأجهزة التنفيذ القضائي.
العدد الكلي للغارمات في المملكة يصل الى (13) ألف غارمة، وتشكل المبالغ التي تقل عن ألف دينار لكل غارمة ما نسبته (43)% وبعدد يصل إلى خمسة الآف وستمئة واثنتين وسبعون غارمة، وهذا الرقم مرعب في الإطار الاجتماعي ويعبر عن حالة من الاستهداف الممنهج للمرأة الأردنية، وسياسة إقراضية مهترئة لا تستند إلى الملاءة المالية والضمانات المالية التي تعزز الإئتمان وإنما تستند إلى ابتزاز التقاليد الاجتماعية التي ترفض وتأنف حبس المرأة في الموروث الأخلاقي والاجتماعي الأردني.
في قانون الشركات يشترط القانون على البنوك والشركات المالية وشركات الصرافة شروط دقيقة تأخذ بعين الاعتبار التأمين على الديون والالتزام بتعليمات البنك المركزي فيما يتعلق بمقدار الفائدة ورفعها وخفضها، وفي صناديق الإقراض الحكومية يتم وضع أسس فاعلة وذات أبعاد اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار الأمن الاجتماعي والترابط الأسري ولا تصل الأمور إلى الحد الذي تقوم به شركات إقراض الغارمات من أساليب مستهجنة لاستغلال نصوص القانون لضرب بنية المجتمع وتماسك الأُسر فيه.
أظن أنه بات من الواجب رصد المخاطر الوطنية لإقراض الغارمات والجهات التي تقف وراء أساليبها لتفكيك الأسر الأردنية، بل يتوجب دراسة الأبعاد الأمنية والاجتماعية من هذه الممارسات الخطيرة، وقبل هذا مراقبة تمويل تلك الجهات الإقراضية لإن تمكين المرأة لا يمر عبر انتهاك حريتها، واستغلال حاجتها؛ بل تعزيز دورها في وسائل إقراض أمينة تحفظ لبنية المجتمع أساسه الوطني الراسخ، وتمكن المرأة في وسائل وأدوات اقتصادية مناسبة تعزز دورها الرّيادي بدلاً من أن تكون ضحية لجهات تمارس الابتزاز، واستغلال الحاجة وقد تؤدي أدواراً خطيرة في ضرب استقرار المجتمع، وما ينطبق على الغارمات ينطبق وان كان بشكل اقل على الغارمين من الرجال.
ما دفعني الكتابه حول هذا الموضوع ما نشرته بعض المواقع اليوم عن سؤال نيابي وجهه النائب والقانون فيصل الاعور إلى الحكومه وهو سؤال احاط بهذا الملف المؤرق باحتراف ما يوجب على الحكومه التعامل مع هذا الملف بالأهمية التي تنسجم مع مسؤلياتها في حماية المجتمع وفتح تحقيق محايد واعلان الشركات التي تاجرت بمعاناة الأردنيات لتحقيق مكتسبات ماليه واهداف مشبوهه اهدرت كرامة آلاف الأسر لحساب فئات استمرأت الإثراء بدون أية قواعد اخلاقيه على الشعب ووجب اليوم محاسبتها.