مثلما عبر الاردن سنين القحط والحصار والسنين العجاف منذ الخمسينات وتكرارها في الستينات والتسعينيات يستطيع الاردن ان يتجاوز مرحلة التحديات التي فرضتها الاوضاع السياسية الراهنة في المنطقة والفوضى التي عاشها الاردن داخليا من السياسات الاقتصادية والاجتماعية ووصول طبقات لم تفهم وتدرك خصائص الاردن وحقيقة موارده وجوهر شعبه وسر بقائه وتطلعاته.
فمنذ عصر الدجتل الذين صوروا لنا المريخ بين يدنا ، فقد الاردن حالة توازنه ومقومات اقتصاده وموارد الخزينه , ورسموا له برامج وخطط وهمية وشبكة من التشريعات والقوانين التي كانت وبالا على الاردن لم تعد ولو للحظة بالنفع والمصلحة على الوطن .بل تلاعب عدد من هؤلاء المنظرين بموارد الدولة فمنهم من اخطأ التقدير ومنهم من اساءه ومنهم من تلاعب ومنهم من ضاع بين هؤلاء خاصة بعد ان وضعوا استراتيجية الخلف من المسؤولين ممن ينتمي لطبقة الدجتل هؤلاء . وتشويه صورة كل من انتمى لخارج دائرتهم ناعتينهم بالكلاسكيين اصحاب التفكير القديم .
فاصبحنا دولة مكشوفة باجساد عارية وجماجم سطحية صلعاء ، دولة بلا موارد تتكاثر عليها الديون بسياسات عقيمة وزادت على شعبها الضرائب بقرارات قاصرة وعمياء ، واصبحت الشخصيات التي تظهر لدينا شخصيات ذات طابع ومنهج موازي لهؤلاء وكأنها مدرسة لا تقبل في سلك الدولة إلا من يتوافق مع نهج الاقتراض والضرائب دون الالتفات الى معوقات التنمية الاخرى كالتصدير والزراعة والمياه والتنمية النائية والادارة المدنية , فذهبوا نحو الارضاء وتسهيل المهام لمراكز القوى واصبحت الحكومات بشغلها الشاغل ارضاء لهذه المراكز بغض النظر عن مستقبل الوطن فتضخمت المؤسسات وتبرعمت الهيئات وزادت نفقاتها ، حتى بات موازنة الدولة مصاريف جارية لا تستطيع ان تتحمل اي زيادة في النفقات بل اصبحت النفقات الجارية عبئا على الموازنة وتمثل غالبيتها , فتحولت الحكومات الى جابي للضرائب واصبح رئيس الحكومة المطلوب هو القادر على اقناع الناس بمزيد من الاعباء والدفع ومشاركة اوسع للحكومة , خاصة وان دور الحكومة المناط والمراقب من قبل النواب قد تلاشى مع السياسة العقيمة التي بمقتضاها يتم اختيار النواب الاقل قدرة وكفاءة على ممارسة دور النائب الحقيقي , واصبح الوزراء المختارون هم الذين يمثلون الشلل والمحسوبيات و لا حول ولاقوة لهم في جلسات المجلس اوفي مؤسساتهم .
واصبح الصف الثاني في الحكومة ومؤسساتها هم من اصحاب مهارة النفاق والواسطة والضعفاء ، فالوزراء لا يريدون من يقول لهم حرف (لا ) ولا الرئيس يريد من وزرائه من يقول له (لا ) او يناقشه في اي موضوع يطرح , فالسياسة العامة مرهونة بصلاحيات كل وزير والرئيس هو صاحب الصلاحية الاعظم . ووكل يتصرف حسب مصلحته ، وهكذ يتم اتخاذ القرار .
نسينا انفسنا بالاردن قرابة 15 سنة ووجدنا انفسنا وقد شربناها حتى الثمالة ، ووجدنا انفسنا اننا بامس الحاجة لمعجزة تخرجنا من حالة التراجع الرهيب التي نكتشف فيها ان الفساد والتلاعب بالمال العام والقرارات الادارية . واصبحت على المشاع. فكل يوم كنا نكتشف قضية وكل يوم كنا نشاهد فاسد من العيار الثقيل اختلس وهرب ، ومنهم من اختلس وانكر , والناس تنظر بفجع تنتظر العلاج خاصة وان النتائج وسلبياتها كانت من نصيب المواطن . وما زلنا ننتظر حتى الان
حكومات ذهبت واخرى جاءت وكلها شبه بعضها لا تغني ولا تسمن من جوع شغلها الشاغل الضرائب والدفع باتجاه المواطن، وقبل هذا وذاك خدمة الشلل والاصحاب , وكلما تأمل المواطن بواحد ، خرج اشرس من سابقه ، وهكذا تمضي الشهور .؟؟؟؟؟
ولعل مساح للجوخ يقول لماذا هذا التشاؤم لاقول له وملايين الاردنيين معي انه الواقع الذي عانيناه بعد ان افنينا اعمارنا خدمة , وسامحنا هؤلاء بكل المناصب والصفقات والقصور العلالي والارصة الكبرى مقابل فسحة امل لاولادنا وبصيص نور لمستقبلنا , الذي بنيناه باملنا وتطلعنا وشعاع من التفاؤل الموجود لدينا على الدوام .
من لا يصدق فالينظر اليوم ماذا يحصل وكيف يقهرون الشرفاء المخلصين الصادقين الاكفاء , لينظروا الى ثوابت الموازنة , وزيادة مداخيلها ، والتقاعدات , والحزم التي جاءة مجرد ديكورات شفوية لا تثمن ولا تغني . فما دامت سياساتنا باختيار من سيحمل المسؤولية ويقود البلاد في المستقبل بمثل ما نشاهد , فلا امل يرجى و لا تفاؤل يمكن ان يبقى .
والقرار النهائي . ان نبدأ من جديد ونكون صادقين مع بلدنا وقبلها مع انفسنا فبناء الاوطان لا يتم بالبرامج والحزم المنمقة بل بالعمل الصادق النظيف والشريف .