المناسبات الدينية والوطنية التي تمر بنا في شهور العام ليست حصص تاريخ او دروسا في كتب التربية الإسلامية لكنها جزء من تاريخنا وهويتنا. وهي مضمون لا ينفك عنا ولا يجوز ان نبعده عن أنفسنا أو أجيالنا.
مناسبة كريمة مثل التي نعيشها اليوم جزء أصيل من محطات التاريخ العربي والإسلامي؛ والهجرة النبوية الشريفة وبداية العام الهجري الجديد ليست مناسبة فقط لنشاهد سهرات تلفزيونية قديمة كادت ألوانها أن تزول تتحدث لنا عن هجرة الرسول الكريم عليه السلام وقصة حمامتي غار ثور وبيت العنكبوت فقط، وهي احداث لم تعد جديدة على الجميع.
المطلوب ان نقدم مناسباتنا الكريمة بما تستحق وليس باعتبارها عبئا على الإعلام والجهات الرسمية والجهات التربوية، بل أن نعطيها مكانتها في صناعة تاريخ الأمة، وأن نعرّف أجيالنا بكل مناسباتنا بشكل يتناسب مع تطور أساليب التوجيه والترفيه والتعليم.
في كل المناسبات الدينية ومنذ أن كنا صغارا كانت الأعمال الفنية ذاتها والممثلون أنفسهم نراهم في ذكرى الهجرة او المولد النبوي الشريف. وكان يتم الاحتفاظ بفيلم الرسالة إلى وقت السهرة، حتى تحولت المناسبة إلى يوم رتيب واحتفال رسمي نرى فيه كبار المسؤولين في موقع الاحتفال يستمعون إلى خطابات من أهل العلم من موظفي الحكومة.
كل مناسباتنا الوطنية والدينية لها موقع من تاريخنا. وهي جزء من الذاكرة لنا جميعا. ويفترض أن نجدد أساليب تقديمها لأنفسنا وأبنائنا، فهي مناسبات تذهب نحو ضعف الاهتمام وبخاصة أن معظمها لم يعد عطلة رسمية حتى يسأل الإنسان عن سبب العطلة!
هجرة الرسول الكريم محمد عليه السلام من مكة إلى المدينة حدث أدركه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما اعتمد الهجرة النبوية وليس مولد الرسول أو بدء الدعوة للتأريخ للعام الهجري، لان عمر بن الخطاب يعلم معنى الهجرة في تحويل الدعوة الاسلامية من حالتها المكية إلى مؤسسة ودولة لها مواثيق وقانون ومؤسسات تنمو يوما بعد يوم، لهذا فإن عهد ابن الخطاب عندما تولى الخلافة شهد عملية بناء لمؤسسات الدولة والفكر الذي يليق بدولة.
والهجرة النبوية حدث أصابتنا آثاره الكريمة، لأن بناء الدولة في المدينة كان وراء عمليات نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية والفتوحات التي وصلت إلى بقاع العالم ومنها بلادنا التي تضم مقامات وقبورا لآلاف الصحابة الكرام الذين يشكلون جزءا من هوية الجغرافية الاردنية والعربية في مواجهة أي تغريب او تهويد او تمييع.
نتوقف عند مناسباتنا الوطنية والدينية لا لنتذكر فقط أحداث تلك المناسبات الكريمة وهي أحداث نعلمها ودرسناها لكن أيضا لتبقى تلك الأحداث جزءا من ثقافتنا، وليبقى التاريخ مصدرا للعبرة وحتى لاتنسى أجيالنا ان تلك المناسبات جزء من هوية الارض والانسان على هذه الارض، وهي هوية لاتعزلنا عن الإصلاح والتحديث، لكنه تحديث لا نذهب اليه من دون هوية ومضمون وحضارة. الغد
sameeh.almaitah@alghad.jo